في بداية مسيرته، استلهم ردفان ذائقته الفنية من جمال قريته الصغيرة “بني علي” الواقعة بين تعز وإب، لكنه سرعان ما تحول إلى توثيق الواقع القاسي الذي يعيشه وطنه عبر لوحات تجسد إحدى أشرس الحروب في التاريخ.
محمد العياشي:
في قلب قرية “بني علي” حيث تلتقي جبال إب بتضاريس تعز، وُلِد ردفان المحمدي عام 1985.
إنه ليس مجرد فنان تشكيلي؛ بل لوحة حية تتحدث بلغة الألوان، تعكس تفاصيل حياة الناس، وأحلامهم، وآلامهم.
شغفه بالفن التوثيقي يجد جذوره في تجربته الشخصية والمهنية، التي بدأت بعيدًا عن الأضواء.
في خضم الأحداث المأساوية التي يمر بها اليمن، يبرز الفن كنافذةٍ للتعبير عن الآلام والآمال، ولتسليط الضوء على الجوانب الإنسانية المفقودة في زمن الحرب. يأتي دور الفنان ردفان المحمدي الذي يدمج بين الإيروتيكا الجمالية والتعبير البصري في لوحاته، مقدّمًا رؤية فنية تجسد معاناة الشعب اليمني.
يستذكر ردفان في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” لحظات انتقاله إلى مدينة تعز عام 1999 للعيش مع خاله، حيث قرر أن يبدأ أولى خطواته في عالم الفن.
انضم ردفان إلى المعهد المهني لقسم الفنون الجميلة، رغم أن هذا الخيار لم يكن مُدرَجًا في الحسبان.
بعد سنوات من الدراسة، بدأ رحلته في “بيت الفن”، حيث تتلمذ على يد الفنان الراحل هاشم علي، الذي ساعده في صقل موهبته.
من خلال حوار أجراه “يمن ديلي نيوز” معه، كشف عن مسار حياته الفنية والتحديات التي واجهها، وكيف يمكن للفن أن يكون سلاحًا في مقاومة الظلم، فهو أشبه ببلسم للأرواح في أوقات الشدة.
في بداية مسيرته، استلهم ردفان ذائقته الفنية من جمال قريته الصغيرة “بني علي” الواقعة بين تعز وإب، لكنه سرعان ما تحول إلى توثيق الواقع القاسي الذي يعيشه وطنه عبر لوحات تجسد إحدى أشرس الحروب في التاريخ.
ومن موهبة عفوية إلى فنانٍ معترف به دوليًا، تتبع “يمن ديلي نيوز” خطواته في رحلة الإبداع، كاشفةً عن إنجازاته وكيف يمكن للفن أن يبقى حيًا ومنيرًا في زوايا الظلام.
أنجز فنيًا أكثر من 200 عمل، من أبرزها “اليمن السعيد” الذي اقتناه متحف الفن الوطني الصيني، وأعمال مثل “حافة المكان” و”ابن الأرض” و”ماذا بعد”.
بين عامي 2009 و2012، كان مديرًا لبيت الفن في تعز، وأسس المنتدى العربي للفنون في 2013 لتعزيز الإبداع العربي.
نظم 5 معارض فردية، وشارك في أكثر من 50 معرضًا جماعيًا و55 معرضًا دوليًا، وحصل على 9 جوائز محلية ودولية.
ردًا على سؤال حول مشاركته الدولية، قال الفنان “ردفان المحمدي” إنه شارك في معارض دولية في دول عديدة مثل قطر، والصين، وبريطانيا، إضافة إلى معارض افتراضية في عدة دول، مما يعكس عالميته في الفن المعاصر.
يتحدث “المحمدي” بفخر عن دور الفن اليوم، واصفًا إياه بأنه يعكس آلام الناس، ويعزز السلام والوعي الاجتماعي.
لا يُخفي المحمدي تحدياته كفنان تشكيلي، ما بين نقص الدعم المادي، وغياب التفاعل من الجمهور، وهو ما قد يؤدي إلى شعور بالإحباط لدى العديد من الفنانين لكن، رغم ذلك، يبقى الأمل موجودًا، ويدعو المحمدي الحكومات إلى دعم الفنون.
وأكد أن الفن يتجاوز كونه مجرد ألوان؛ بل هو أداة فعالة للتأمل، والتواصل، مما يجعله ضروريًا في الأوقات الصعبة.
وأضاف أنه رغم ثراء المبدعين اليمنيين، تعاني الساحة من ضعف مؤسسات الدعم، مما يجعل الفنانين يجدون صعوبة في الوصول إلى جمهورهم.
في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” عن تأثير الحرب، أشار “المحمدي” إلى أن الحروب تترك أثرًا على فلسفة الألوان، حيث تعكس الألوان القاتمة أحيانًا معاناة الشارع.
ومع ذلك، لم يبتعد المحمدي عن مواضيع تغمرها الثقافة والتراث، كما يظهر في اهتمامه الخاص برسم الخيل، الذي يعكس جزءًا مهمًا من الهوية اليمنية.
لا يُخفي المحمدي تحدياته كفنان تشكيلي، ما بين نقص الدعم المادي، وغياب التفاعل من الجمهور، وهو ما قد يؤدي إلى شعور بالإحباط لدى العديد من الفنانين.
لكن، رغم ذلك، يبقى الأمل موجودًا، ويدعو المحمدي الحكومات إلى دعم الفنون، مؤكدًا على أهمية الصبر، وتطوير المهارات للفنانين الشباب لتحقيق النجاح.
وفي وقت تشهد فيه البلاد صراعات مستمرة، يظل ردفان المحمدي مثالًا للفنان الذي يلتزم بقضايا الإنسان، محاولًا استخدام فنه كمنارة تعكس جمال الوطن رغم المآسي. إن أعماله تجسد بشكلٍ عميق روح الشعب اليمني، بما يبرزه من قوة، وإبداع في زمن أرهقته الحرب.
نقلاً عن موقع ”يمن ديلي نيوز”