تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » التشكيليون العرب والحروب.. الريشة تتحــدى المدفع

التشكيليون العرب والحروب.. الريشة تتحــدى المدفع

التشكيليون العرب والحروب.. الريشة تتحــدى المدفع



إذا كانت الحروب تبث الرعب في النفوس، وتنشر الموت والخراب، فإن الفن هو ما يبث الأمل في قلوب المكلومين، وينشر الحب والرغبة في الحياة. وإذا كانت أصوات وآثار القنابل والرصاص والبارود تلطخ سماء عالمنا العربي في السنوات الأخيرة بلون الدماء القاني، فإن ريشة الفنانين العرب زينت لوحاتهم بألوان المحبة البهيجة، ورسخت معانى النضال والحرية.


ولأن الفنان العربي ظل دوما عنصرا فاعلا في المجتمع، يؤثر فيه ويتأثر بما يموج فيه من أحداث وصراعات يدفع فاتورتها أبناء الوطن من دمائهم وفقدان الأهل والجوع والتهجير والاغتراب، فقد بقى الفن التشكيلي مرآة تعكس معاناة البشر العاديين من آثار تلك الحروب المدمرة، ونبراسا يضيء الطريق للمواطنين والوطن نحو المستقبل.


‎في البداية حدثنا الفنان التشكيلي د.طاهر عبدالعظيم عن تجربته قائلا: «في أعمالي الفنية، تناولتُ كفنان مصري قضايا وطني وأمتى من خلال رصد الصراع عبر العصور، من أصحاب الفيل وجيش أبرهة كرمز للغزو والغطرسة، مرورًا بـحروب الجيل الرابع التي تهدد الأوطان من الداخل، وصولًا إلى الأحداث الساخنة الراهنة التي يعيشها عالمنا العربي. رسمتُ التاريخ لا كوقائع فقط، بل كنبض إنساني مقاوم، محاولًا أن أجعل من كل لوحة شهادةً بصرية على أن الإرادة أقوى من العدوان، والهوية أعمق من التشويه».


‎أما الفنان معتوق أبو راوي من ليبيا فأوضح أن الحروب والخراب والفقر، والنكبات الإنسانية عادة ما كانت مهمة لإلهام الفنانين، وأشار إلى أن ماجري في بلاده من انفلات أمني وفوضى قد أثر بشكل كبير في لوحاته الأخيرة.  من جانبه، يؤكد الفنان الفلسطيني باسل عبد الكريم العكوك، أن المتابع لمسيرة الفنون التشكيلية الفلسطينية بشكل عام وفنون المقاومة بشكل خاص سوف يلحظ استلهام الفن التشكيلي لقضايا المواطن الفلسطيني والعربي في مجال الحقوق المغتصبة، وأوجاع الفقد واليتم وعذابات أزمنة البغي والقهر الإسرائيلي، في النهاية مساهمة هامة في تشكيل الوجدان العربي والفلسطيني، إضافة إلى اضطلاع القوى الناعمة بشكل عام بدور قيمي وإنساني وتعبوي.


‎ويضيف العكوك‫:‬ لا تكاد تخلو لوحات أي من التشكيليين الفلسطينيين من اللون الأحمر، إشارة إلى دماء الشهداء، أو الكوفية إشارة إلى الهوية الفلسطينية، وكذا القيد وشجر الصبار وغيرها مما له صلة مباشرة بمعاناة الفلسطينيين.


أما عبد مسلم المرشدي وهو، فنان تشكيلي عراقي مقيم في مصر فيؤكد أن الحروب تؤثر على كل الفنون ومنها الرسم، ويشير إلى واقعة حدثت في عام 2003 عندما دخل الجيش الأمريكي بغداد، فيقول: «وقتها تركنا بيتنا وذهبنا إلى مكان آخر أكثر أمنا، وبعد أيام رجعنا البيت فوجدنا البيت قد سرقت محتوياته ومن ضمنها أعمالي الفنية، ‎ولم يكن ذلك ببعيد عما عاشته العراق كلها، فحتى وزارة الثقافة سرقوا كل ما بها من أعمال لفنانين رواد وكبار ومنها عملان من أعمالي».


‎أما الفنان التشكيلي اليمنى محمد سبأ فيشير إلى أن الفن التشكيلي يمّهد الطريق ليمن جديد عانى من ويلات الحرب ويتطلع الآن للتغيير؛ لذلك يقع على عاتق الفنان دور كبير ومهم يتجلى في توعية أفراد المجتمع بأبعاد الواقع الراهن وسد فجوات الخلل الذي أدى إلى هذا التحول السياسي والاجتماعي ونتائجه، ومن ثم تذليل الحواجز وإيجاد الحلول بتعزيز قيم الإنسانية والسلام من خلال نبذ روح الكراهية، والحفاظ على الهوية والتأكيد على التنوع الثقافي.


و‎ من جانبه، أبدع الفنان السوداني صلاح المر أكثر من لوحة عبرت عن الثورات والحروب مثل لوحة «عويل الطيور» ولوحة «مجزرة الأشجار» ويقصد بها مجزرة الأشخاص» الذين يعانون من الحروب بشكل كبير.