تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » لوحات حزينة في تاريخ الفن التشكيلي

لوحات حزينة في تاريخ الفن التشكيلي



من بين طيف واسع من المشاعر الإنسانية، يُعد الحزن هو العنصر الذي لطالما كان أساسًا مشتركًا في العديد من الأعمال الفنية الشهيرة التي عرفت انها من أحزن اللوحات الفنية على الإطلاق.

لم يتوقف الفنانون عبر العصور عن التعبير الصادق للحالة النفسية والشاعرية وما يعتريها بشكل مؤثر يعكس حالات الحزن والأحداث المأساوية في مجاره ملونه لرائعة وليم شكسبير ” المآسي الكبرى ”  التي جميعها  تثير هذا الشعور.

تُعتبر بوابة الأبدية للفنان فينسنت فان جوخ ربما أَحزن لوحة على الإطلاق، لما تمثله من دلالة حرفيًا ومجازيًا. رجلٌ مسنٌ ذو لحيةٍ الأصلع ينحني، ورأسه بين يديه ومرفقيه على ركبتيه. إنها لحظةً مميزةً إما لبكاءٍ كاثارتي أو لليأس الشديد. بلا شك، هي مشهدُ حزن ويمثل معاناة فان جوخ النفسية في ذلك الوقت. ومع ذلك، فإن اللوحة تحمل عنوانًا يحمل دلالةً متفائلةً نوعًا ما، فربما يعاني الرجل الآن، لكنه سيجد الراحة من خلال الإيمان ودخول بوابة الأبدية بعد الموت.

وتعد لوحة “لا دوولور”، المعروف أيضًا باسم مريم المجدلية، للفنان بول سيزان، والذى يعد من أعظم رواد مدرسة ما بعد الانطباعية ، بمثابة  قطعة من الألم الصافي الناتج عن فقدان شخص عزيز ، و الشخص المفقود هنا هو مريم المجدلية، التي تظهر وهي تنوح على وفاة المسيح، ووجهها غير واضح، ورأسها مائل، ويدها مستندة على حافة، وملابسها زرقاء وبيضاء، مع اللون الأزرق السائد الذي يدمج مع الأبيض ليعبر عن حزنها. أسفل يدها على اليمين، يظهر جمجمة مشوهة.

في حين تظهر لوحة “كريستينا” للفنان أندرو وايث  غموضا كبير ، لكن ذلك لا يقلل من حزنها، ويصور العمل  سيدة  اسم كريستينا، وهي مستلقية على حقل عشبي ترتدي فستانًا ورديًا، وتنظر نحو بيت زراعي في المسافة. تجلس بطريقة توحي بأنها تحاول الوصول إلى ذلك البيت، رغبةً في الانتقال إليه، لكنها غير قادرة على النهوض. من السهل أن نشعر بأنها، لسبب ما، لا تستطيع أن تنهض. لذا، نشعر معها ونتشارك إحساس العجز واليأس نفسه. العنوان، الذي يشير إلى عالم الشخصية، يرمز إلى معاناتنا النفسية من خلال معاناة كريستينا الجسدية.

و تصور اللوحة التي تحمل  توقيع العام 1785 بعنوان ” المنغوليا”  للفنان لويس-جان-فرانسوا لاغرينيه ، ابعادا مميزة لطبيعة وماهية الحزن العميق لسيدة تجلس ضد خلفية مظلمة، وتمسك رأسها بذراعها وهي تتأمل، وتعبير وجهها يوحي بأن أفكارها ربما ليست سعيدة جدًا. ومع ذلك، هناك جمالٌ في هذه الوضعية الحزينة.

ومن جانب اخر تعد لوحة “العازف “ وهي إحدى روائع بيكاسو من فترة “البلو” (1901-1904). موضوعها موسيقي فقير، ويعزز اللون الأزرق المزاجَ اليائس، بينما يبرز عنق الرجل المنحني وجسده المائل والزوايا الحادة فقره. فهم بيكاسو لهذه الصورة يأتي من معاناته الشخصية، إذ كان يعاني من الفقر قبل سنوات.

وتعبر لوحة “الغزال المصاب” تعبر عن ألم فريدا كاهلو الجسدي والعاطفي. فهي بورتريه ذاتي، لكن بشكل غير معتاد، حيث رأسها موصول بجسد غزال يتعرض لطعنات وسهم، والدم يتدفق من جروح السهام. الغابة المحيطة قاتمة، ذات ألوان بنية ورمادية، وأشجار عارية وفروع ميتة على الأرض. تعبير فريدا هادئ، والجسد يبدو وكأنه في حركة، كأنها تتشبث بالحياة وسط الألم والحزن. وهذه كانت بالفعل صورة دقيقة لنهاية حياتها.

نظرًا لأن أي عمل من أعمال الفنان إدوارد هوبر يمكن أن يكون ضمن هذه المجموعة من اللوحات التي تجسد المشاعر الحزينة فيمكننا لوحة “فيلم نيويورك” والتي  تتسم بالهدوء والغموض، لمرأة  مستوحى من ملامح  “جوزفين هوبر”، وترتدي زيًّا رسميًا وتقف على الجانب، بينما يجلس رواد السينما بشكل منتظم  على اليسار.

الفيلم على الشاشة غير محدد، لكن تأثيره واضح من خلال استخدام الضوء والظل، ووضعية المرأة وهي واقفة بارتياح، هذا العمل يحمل مزيدًا من الحزن عند النظر إليه من منظور اخر، فالسينما اليوم لم تعد نخبوية  كما كانت في 1939، وأصبحت تجربة جماعية مفقودة في عالمنا الرقمي الحالي. لكن، بفضل إدوارد هوبر، لا زلنا نستطيع أن نسترجع ونشعر بمتعة السينما الحقيقية التي لا تتوفر إلا في السينما.