سيد محمود سلام
منذ أن عرفت مصر حركة النقد الفني، وهي بالطبع أتت مقترنة بظهور السينما والتليفزيون، لم تشهد محاولات لتكميم الأفواه من قبل النقابات الفنية، ولم يصدر عن اتحاد النقابات الفنية الذي يترأسه المخرج الكبير عمر عبدالعزيز، أو عن نقابة المهن السينمائية التي يترأسها المخرج الكبير مسعد فودة، قرارات أو بيانات ضد ناقد أو صحفي في موقف ما، أو مقال كُتب عن عمل فني أو فنان، طالما أنه في إطار حركة نقدية تستهدف تصويب خطأ ما، أو تعريف القارئ بحقيقة موقف ما.
ما حدث من نقابة الموسيقيين، التي يترأسها النقيب مصطفى كامل، ضد الناقد الكبير طارق الشناوي، كونه انتقد قرارات النقابة في أزمة المطرب راغب علامة، ونيتها مقاضاة الشناوي، ليس موقفًا يدينه بل يدين النقابة؛ فما قاله الشناوي في منشوراته عن عشوائية القرارات في كل ما حدث من تصريحات حول تلك الأزمة، هو بالفعل من قبيل التنبيه إلى أن ما حدث من المطرب وهو يغني على خشبة المسرح لم يكن له فيه ذنب، فهو لم يهبط أرض المسرح ويبحث عن فتيات ليقبّلهن، بل صعدت إليه فتاة وتجرأت في موقف -وإن كان خاطئًا- تتحمل مسئوليته إدارة المسرح أو الحفل، لكنها، ومن الواضح، أنه بيزنس خاص يقوم به بعض العاملين أو حراس الحفلات، يتقاضون مبالغ نظير لقطات من بعض المتفرجين مع النجوم.
والشناوي هنا انتقد تصرفًا تحدث عنه كل الإعلاميين والمتابعين لما حدث على السوشيال ميديا، بل والعامة؛ لأن منطقة العلمين منطقة جذب سياحي، وتستقطب جمهورًا من دول عربية، والحفلات التي تُقام فيها لنجوم عرب هي محاولة لاستعادة روح السياحة في مناطق جذب جديدة، وقرارات مثل التي صدرت من نقابة الموسيقيين قد تكون سببًا في هدم ما تقوم به جهات دعم السياحة في مناطق جديدة مثل الساحل الشمالي والعلمين.
حركة النقد في مصر تتطور بظهور نقاد جدد، وما يقوم به النقيب مصطفى كامل لا يمكن أن يكون في صالح العمل الفني، ولا الموسيقي أو الغنائي، ولا الدرامي، ولا حتى في صالح النقابات نفسها التي يجب أن يكون دورها دعم حركة النقد الفني، مثلما فعل نقيب السينمائيين بتعزيز الشُعب النقابية، وإضافة شعبة النقد الفني ضمن شعب النقابة، وفي قائمتها عدد كبير من النقاد.
لا يمكن أن تكون العلاقة بين نقابة ما وناقد علاقة طردية، بل علاقة توافقية تخدم حركة العمل الفني. ومن ثم أناشد النقيب مصطفى كامل بأن يتأنى بعض الشيء في اتخاذ القرارات؛ لأن بعضها قد لا يصب في مصلحة البلد، مثل قراره ضد راغب علامة، والذي قوبل في بعض الدول العربية بالدهشة؛ لأن مثل تلك المواقف التي حدثت من معجبة، تحدث مع معظم مطربي العالم، مثل كاظم الساهر وعمرو دياب، بل مع نجوى كرم، وحدثت قبل كل هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر، مع عبدالحليم حافظ، ومع أم كلثوم في إحدى حفلاتها بباريس وكادت وقتها أن تقع من فوق المسرح.
