ترى الدكتورة أشجان ناجي حزام، أخصائية العلاج بالفن التشكيلي وعضو الجمعية الأمريكية للعلاج بالفن التشكيلي، أن الفن قادرٌ على أن يكون وسيلة علاجية فاعلة للتخفيف من الضغوط والصدمات النفسية، خاصة لدى الأطفال والنازحين، حيث يمنحهم مساحة للتعبير والتفريغ بعيدًا عن اللغة المباشرة.
وتوضح أن اللوحة الفنية “تفتح الباب أمام المشاعر الدفينة التي يصعب التعبير عنها بالكلمات”، مستشهدة بأمثلة من التاريخ الفني مثل أعمال فان جوخ التي حملت دلالات وجدانية عميقة ما زالت تُقرأ حتى اليوم.
وتشير الدكتورة أشجان إلى أن عملية الرسم والتلوين تُعيد برمجة الدماغ بطريقة تسمح للجسد بأن يأخذ زمام المبادرة، فيتحقق نوع من التوازن العاطفي والنفسي. كما تؤكد أن الجلسات العلاجية لا تخضع لمدرسة فنيّة واحدة، بل تُبنى وفق خصوصية كل حالة، بدءًا من اختيار الألوان وحتى نوع الورق والأدوات.
وعن الفارق بين العمل الفني لأغراض جمالية وبين ما يُنتَج في سياق علاجي، تبيّن أن “الفن العلاجي قد يبدو أحيانًا مجرد خطوط ورموز عابرة، لكنه يُمثل انعكاسًا صادقًا لحالة المريض الداخلية، بينما الأعمال الفنيّة الاحترافية تُبنى على رؤية واضحة وأهداف جمالية محددة”.
وفي معرض تجربتها في اليمن، أوضحت أن الأطفال في مناطق الحرب عبّروا غالبًا عن صور مرتبطة بالأسلحة والنيران، بينما ظهرت في رسومات الأطفال بالمناطق الآمنة رموز للأسرة والمنزل، وهو ما يعكس أثر البيئة في التكوين النفسي للأطفال. وترى أن الاعتراف بالعلاج بالفن التشكيلي في اليمن لا يزال تحديًا كبيرًا، إذ يُنظر إليه حتى الآن باعتباره نشاطًا فنيًّا أكثر من كونه ممارسة علاجية.
وحول انتشار هذا التخصص عربيًّا، تؤكد أن مصر من أكثر الدول العربية تقدمًا في هذا المجال، مع وجود تجارب متفاوتة في بلدان أخرى، مشيرة إلى أنها بصدد إطلاق برامج جديدة خلال الفترة القادمة في سلطنة عُمان ودول الخليج، تستهدف المراهقين والبالغين، إلى جانب خطط علاجية موجهة للأطفال المصابين بالتوحّد ومرضى الزهايمر والسرطان.
وتختتم الدكتورة حديثها بالتأكيد على أن “العلاج بالفن التشكيلي ليس حكرًا على فئة معينة، بل هو مساحة إنسانية مفتوحة للجميع للتعبير والتعافي وإيجاد التوازن النفسي”.