تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » قصة الممثل الهندي شاروخان

قصة الممثل الهندي شاروخان

قصة الممثل الهندي شاروخان

 

شاروخان ممثل ومنتج هندي أطلق عليه الإعلام ومحبوه الكثير من الألقاب فهو “بادشاه بوليود” و”ملك بوليود” و”الملك خان”، الذي ظهر في أكثر من 80 فيلما، حقق أغلبهم نجاحا تجاريا كبيرا، وحصل على العديد من الجوائز التي يصعب حصرها، وخرجت نجوميته من حيز الهند إلى آسيا ثم إلى العالم، ويعتبر واحدا من أهم نجوم السينما العالمية وأكثرهم شهرة ونجاحا في الوقت الحالي.

أصول مختلطة
يبدو شاروخان كما لو أنه مرآة لتنوع الهند الثقافي والعرقي الواسع، فهو ينتمي من ناحية أمه إلى مسلمي “حيدر آباد”، وورث من والده الأصول البشتونية التي تعود إلى جنوب أفغانستان، وجدته لوالده أفغانية، وجزء من عائلته تعود أصولها إلى كشمير.

وُلد شاروخان لعائلة مسلمة في نيودلهي عام 1965، لأب حقوقي يؤمن بنبذ العنف، ويعمل لصالح حركة “خدي خدمتجار” التي تهدف إلى توحيد الهند واستقلالها.

عاش طفولته بوصفه فردا من أفراد الطبقة الوسطى الهندية في هذه الفترة، فتربى في إحدى ضواحي نيودلهي الهادئة، وبرع في دراسته والألعاب الرياضية المختلفة مثل الهوكي وكرة القدم، وحصل على الجوائز المدرسية باستمرار، وكان يخطط لتكريس حياته العملية للرياضة، لكن إصابة في كتفه أجهضت هذا الحلم مبكرا.

وبدلا من الرياضة، اتجه شاروخان إلى التمثيل، وذلك في المسرح المدرسي، وفيه برع في تقليد ممثلي بوليود المشاهير، خاصة أميتاب باتشان ودليب كومار، وإحدى زميلاته في هذه المرحلة أمريتا سينغ التي أصبحت لاحقا واحدة من نجمات السينما الهندية.

في المرحلة الجامعية، تخصص شاروخان في الاقتصاد، ولكن قضى أغلب وقته في مؤسسة “مجموعة مسرح دلهي” وهناك درس التمثيل، حاول بعد ذلك اتخاذ مسارين متوازيين بين الدراسة الجدية، والحصول على درجة الماجستير في الإعلام، والتمثيل، لكنه سريعا ما وصل إلى مفترق طرق، فاختار التمثيل والتحق بالمدرسة الوطنية للدراما في دلهي.

من التلفزيون إلى السينما
كانت بدايات شاروخان في التلفزيون الهندي، وذلك عام 1988، بأكثر من مسلسل في وقت واحد، ليحقق لنفسه الانتشار السريع، ثم في فيلم تلفزيوني ناطق بالإنجليزية، وبالفعل لفت أنظار النقاد الذين شبهوا مظهره وأسلوبه في التمثيل بالنجم الكبير دليب كومار، ورأوا له مستقبلا سينمائيا باهرا، لكن خان -الشاب في هذه الفترة- لم ير نفسه ممثلا سينمائيا، وتشكك في أنه يمتلك الموهبة والخبرة الكافية لذلك.

احتاج الأمر منه إلى 3 سنوات حتى يكتسب الثقة الكافية لخوض تجربة التمثيل السينمائي؛ فهربا من حزنه بسبب وفاة والدته عام 1991، ترك دلهي وانتقل للعيش في مومباي، وهناك وضع كل تركيزه على اقتحام حصون بوليود التي لم تكن منيعة عليه، فسرعان ما وقع عقود 4 أفلام دفعة واحدة، وكان أول أفلامه باسم “ديوانا” (Deewana) الذي عُرض عام 1992، وأصبح من أعلى الأفلام إيرادا لذلك العام، وأطلق نجومية شاروخان بسرعة الصاروخ.

ملك الأدوار الشريرة
يشيع دوما أن أي ممثل جيد يمكنه أن يقدم الأدوار الطيبة ببراعة، لكن الممثل الممتاز هو من يتقن أدوار الشر، وهذا ما أثبته شاروخان في تلك المرحلة من مسيرته المهنية، إذ حصل على الثناء بشكل متتال على أدائه لشخصيات مخيفة، مثل العاشق المهووس في فيلم “دار” (Darr) والقاتل في فيلم “المقامر” (Baazigar) الذي صدم المشاهدين بعنف غير مسبوق في السينما الهندية، حيث تحدى خان صورة البطل التقليدي في كلا الفيلمين وخلق نسخته الخاصة من البطل الشرير القادر على لفت الأنظار وإثارة إعجاب النقاد والجمهور.

استمر في تقديم الأدوار الشريرة وفاز بجائزة فيلم “فير” لأفضل شرير عن فيلم “أنجاام” (Anjaam)، على الرغم من أنه في هذه الفترة كان لعب أدوار مثل هذه يعتبر محفوفا بالمخاطر بالنسبة لمسيرة الممثلين في السينما الهندية السائدة، اعتقد بعض النقاد أنه يأخذ مخاطرة مجنونة بهذه الاختيارات الجريئة، ولكن تلك كانت طريقته الخاصة في بدء مسيرته المهنية الرائدة.

العالمية
تنقل شاروخان في التسعينيات وبداية الألفية بين الأدوار المختلفة، فقدم الأكشن والميلودراما والرعب والرومانسية، ولم يوقفه شيء عن إثباته موهبته وشعبيته، منها فيلمه عام 1995مع النجم سلمان خان بعنوان “كاران أرجون” (Karan Arjun) الذي أصبح ثاني أعلى الأفلام إيرادا في ذلك العام، وكذلك الفيلم الرومانسي “ستؤخذ عرائس القلوب” (Dilwale Dulhania Le Jayenge) الذي حقق نجاحا باهرا بكل المقاييس، وأصبح أعلى فيلم إيرادا في الهند، وكذلك الأكثر استمرارا في دور العرض، حيث تم عرضه لما يزيد على ألف أسبوع في بعض السينمات، وقال عنه المخرج والناقد، رجا سين، بعد هذا الأداء “خان قدم أداء رائعا، حيث أعاد تعريف العاشق في التسعينيات بمهارة كبيرة. إنه رائع ومخلص بما يكفي لجذب الجمهور”.

لكن مثل أي نجم آخر مر ببعض الإخفاقات، خاصة مع عدد الأفلام الكبير الذي كان يقدمه كل عام، الذي وصل في بعض الأحيان إلى 7 أفلام سنويا، ومن أهم أفلامه في هذه الفترة “بلد أجنبي” (Pardes) وهو واحد من أوائل الأفلام التجارية الهندية التي تحقق نجاحا في الولايات المتحدة، وعام 2001 قدم الدور الرئيسي في فيلم “أشوكا” (Aśoka) حول حياة الإمبراطور الهندي بالاسم ذاته، وعُرض الفيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي وكذلك تورنتو السينمائي.

وعلى الرغم من الثناء النقدي العالمي، فإنه لم يقابل بإيرادات كبيرة في الهند، وعُرض بعد ذلك فيلمه “فير زارا” (Veer-Zaara) في مهرجان برلين السينمائي، وحصل فيلمه “ديفداس” (Devdas) عام 2002 على ترشيح البافتا في فئة أفضل فيلم أجنبي.

وعام 2004، قام بخطوة جديدة تجاه العالمية بتقديمه فيلمه “سواديس” (Swades) الذي أدى فيه دور عالم في وكالة “ناسا” (NASA) الأميركية، وهو الفيلم الهندي الأول الذي يصور داخل مركز أبحاث ناسا في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا الأميركية.

واعتبر الفيلم مثالا على “الواقعية البوليودية”، حيث أظهر اختلافا عن السرد التقليدي وتوقعات الجمهور في السينما الهندية السائدة.

اسمي خان
على الرغم من نجاحاته الكثيرة السابقة، وتصويره لبعض أفلامه في الولايات المتحدة، ونجاح البعض الآخر بصورة عالمية، فإن الكثير من الجمهور غير الهندي لم يتعرف على شاروخان عن قرب إلا بعد عرض فيلمه الشهير “اسمي خان” (My Name Is Khan) عام 2010.

الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية وتقع أحداثه على خلفية التصورات الشائعة في الولايات المتحدة عن الإسلام والمسلمين بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ويلعب فيه خان دور رضوان خان، المسلم الذي يعاني من متلازمة أسبرغر (طيف توحد الخفيفة) والذي ينطلق في رحلة عبر أميركا، لمقابلة رئيس البلاد ليخبره أنه ليس شخصا عنيفا أو إرهابيا بسبب دينه، وذلك بعد مأساة تعرضت لها عائلته نتيجة للعنف ضد المسلمين.

ولتقديم صورة دقيقة للمصابين بمتلازمة أسبرغر، أمضى خان عدة أشهر في البحث من أجل دوره، عبر قراءة الكتب ومشاهدة مقاطع الفيديو والتحدث إلى الأشخاص المتضررين من هذه الحالة.

عند إطلاقه، أصبح “اسمي خان” واحدا من أعلى أفلام بوليود تحقيقا للأرباح على الإطلاق خارج الهند، وحصل خان على جائزة فيلم فير الثامنة لأفضل ممثل، مساويا الرقم القياسي لأكبر عدد من الفائزين في فئة الممثل دليب كومار.

عندما عرف الألم
مع نجاحه الكبير، عرف شاروخان كذلك الألم بنوعيه الجسدي والنفسي، بداية من فقده للأب والأم في وقت متقارب، الأمر الذي أطلق مسيرته عندما لم يستطع الإقامة في نيودلهي وانتقل إلى مومباي وهناك احترف التمثيل السينمائي. وبعد وفاة والديه، أصيبت أخته الكبرى شاهناز لالاروخ بحالة اكتئاب شديد، وتولى خان مسؤولية رعايتها، وهي تعيش مع شقيقها وعائلته في قصرهم في مومباي حتى الآن.

أما الألم الجسدي فقد كانت بدايته عام 2001 عندما تعامل لأول مرة مع المتاعب الصحية، فأصيب بالانزلاق الغضروفي نتيجة لإصابة في ظهره في أثناء أدائه أحد المشاهد الخطرة خلال تصويره لفيلم أكشن. وجرب بعد ذلك الكثير من العلاجات البديلة، لكن لم يقدم أي منها حلا دائما للإصابة، مما تسبب له في ألم شديد في أثناء تصوير العديد من أفلامه بعد ذلك.

وبحلول بداية عام 2003، ساءت حالته لدرجة أنه اضطر إلى الخضوع لعملية جراحية خطرة ومؤلمة في لندن، ومنذ ذلك العام قلل من عبء العمل وعدد الأدوار السينمائية التي يقبلها سنويا.

ولكن تكرر الأمر في ديسمبر/كانون الأول 2008، عندما تعرض خان لإصابة في الكتف في أثناء تصوير دور صغير في أحد الأفلام وخضع لجلسات علاج طبيعي مكثفة في ذلك الوقت، ولكن الألم جعله غير قادر على الحركة، وخضع لعملية جراحية بالمنظار في فبراير/شباط 2009.

صرح شاروخان أكثر من مرة بأنه يرى نفسه شخصا عاديا حصلت له معجزة، وأنه يعيش أسطورة كما لو أنه كُتب أن يكون جزءا منها، وفي الحقيقة أن نجاحه الكبير في الهند أو خارجها دليل على صحة هذه الأسطورة.