تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأسدي.. من بائع للتين إلى مصور يوثق جمال اليمن

الأسدي.. من بائع للتين إلى مصور يوثق جمال اليمن

الأسدي.. من بائع للتين إلى مصور يوثق جمال اليمن

 

أحمد النجار*
تحول الشاب اليمني عبدالرحمن الأسدي من بائع للتين في شوارع صنعاء خلال سنوات الحرب إلى مصور وصانع أفلام. وحال عبدالرحمن هو حال آلاف اليمنيين الذين طحنتهم قسوة العيش، فقد اضطر لمساعدة والده لتغطية مصاريف أسرته التي ضاقت بها الحياة ذرعاً وقهراً وفقراً، فقرر عند اندلاع الحرب في 2014 النزوح من مدينة حضرموت التي عاش فيها طفولته لينتقل إلى العاصمة صنعاء، ثم قرر النزوح مجدداً إلى محافظة مأرب التي تستقبل منذ 8 سنوات ملايين العائلات من المتضررين جراء احتدام الصراعات في المناطق الملتهبة.

وأكد عبدالرحمن في حوار مع “العربية.نت” أنه يوظف الصورة كسلاح ناعم ضد الحرب لخدمة السلام، مشيراً إلى أن الألبومات المأساوية التي رصدها “تحمل رسالة لكل أطراف الصراع بحجم وبشاعة الأضرار التي خلفها القتال وما ترتب عليه من معاناة الناس، لعلها تدغدغ مشاعرهم لإيلاء بعض اهتمام إلى فئة الناس البسطاء الذين سقطوا ضحايا وجرحى ونازحين نتيجة العنف”.

وتابع عبدالرحمن: “آمل أن تساهم الصور التي التقطتها في تحريك العاطفة الإنسانية، وتسفر عن تعديل قرارات الساسة وأمراء الحرب وجعلهم يخففون من معاناة الناس ويحتكمون للحوار من أجل تثبيت هدنة دائمة”.

وأضاف عبدالرحمن: “نزحت إلى مأرب لكي أجد حياة كريمة تحفظ حقوقي كشاب في مقتبل العمر. وفي هذه المحافظة بدأت بتحقيق حلمي بالتصوير لأعكس صورة حضارية وثقافية عن بلدنا الحزين”، مشيراً إلى إن طواحين الحرب والفقر والمجاعة والبطالة حجبت أنظار العالم عن الوجه الجميل لليمن وعن طيبة شعبه وجمال أرضه وطبيعته وتضاريسه الغنية والفاتنة ومعالمه الضاربة في جذور التاريخ”.

بيع مجوهرات والدته لشراء كاميرا
وتحدث عبدالرحمن عن قصة احترافه التصوير، فقال: “كنت شغوفا بشكل كبير بفنون التصوير، إلا أن هناك مجموعة عوائق حالت دون احترافي للتصوير، لعل أبرزها أنني لم أكن أمتلك ثمن كاميرا. وعندما لاحظت أمي شغفي الكبير بالتصوير، قررت بيع كل مجوهراتها، وفاجأتني بإهدائي أول كاميرا”.

وتابع: “هنا كان التحدي الكبير بالنسبة لي، فقطعت عهداً على نفسي بأن أعطي أمي ضعف مجوهراتها، وأن أرفع رأسها ورأس والدي عالياً. حينها بدأت التطوع في العمل الإنساني كمصور يوثق قصص الضحايا والمتضررين في مخيمات النازحين”.

وأضاف: “اشتغلت لدى عدة جهات حقوقية ومنظمات إنسانية تعمل بالداخل والخارج، واستطعت أن أنقل حقيقة الألم والقهر والمعاناة التي يعيشها آلاف النازحين في مأرب عن طريق ألبومات صور عفوية تلخص تلك المآسي الدامية”.

وبحسب عبدالرحمن، فإن رسالته تكمن في نقل معاناة النازحين والمتضررين من الحرب في اليمن وتوثيقها لتبقى شاهدة على أقسى 8 سنوات مرت على جيل منكوب ولد في كنف الحرب، وخسر الكثير من الأحلام والآمال التي طمستها الظروف.

إبهار العالم بجمال اليمن
ولمع نجم الشاب وحصد مراكز أولى في عدد من المسابقات الفوتوغرافية التي ترعاها منظمات دولية في مجال التصوير الإنساني.

وفي هذا السياق، أكد أنه يسعى إلى “جعل العالم يرى أن اليمن جميل رغم كل هذه الصراعات والحروب”، لذا فهو يطوف أغلب المحافظات اليمنية بهدف توثيق معالمها وطبيعتها وتراثها، ليبثها في العديد من المنصات ويتداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتحدث عبدالرحمن عن معرضه الشخصي الذي أقيم مؤخراً وحمل شعار “اليمن موطن الجمال”، مؤكدا أنه يهدف من خلاله إلى التعريف باليمن وتراثه وعاداته وثقافاته وطبيعتها من خلال أكثر من 200 صورة التقطت في جميع محافظات الجمهورية بمشاركة مجموعة من المصورين اليمنيين المتألقين.

وأخيراً حثّ عبدالرحمن مجتمع المصورين في اليمن على ضرورة التمسك بمسؤولية نقل صور التعايش والتسامح والسلام، مضيفاً: “يكفينا حربا وصراعات وتمزيقا وشتاتا. نريد أن نعيش بأمان ووئام”.

*صحفي وكاتب يمني
نقلا عن العربية نت