تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » المعوقات التي تواجه الفنانين والمبدعين

المعوقات التي تواجه الفنانين والمبدعين

الفنون سر تفوق الحضارات

 

أحمد هادي*

لعل من أكثر المعوقات التي تواجه المبدعين والمبدعات الذين لاتزال رؤيتهم الفنية لم تبلغ حد النضوج ولم يصلوا إلى مرحلة من معرفة مكامن الذات الإبداعية لديهم، حيث يمرون في حالة من القلق والتوتر وتضارب الأفكار وضبابية الرؤيا حول الكيفية والطريقة الأسلوب والتكنيك المناسب الذي يستطيع تجسيد الأفكار والمواضيع التي في مخيلته وسكبها في قالب جمالي ملموس مادياً.

برغم وجود الدافعية والشعور الانفعالي والرغبة  الشديدة في التعبير الفني من خلال الفن، ولكنه محتار كيف يبدأ ومن الفن أين يبدأ؟.. ويبقى في حالة توهان، فما هو الحل مع هذه الحالة النفسية وما يختلج داخل الفنانة من مشاعر وأحاسيس وكيف يضع الركيزة الأساسية في عملية تأسيس العمل.

إن العميلة الإبداعية الخلاقة لا تكتمل بدون التعامل مع وسيط مادي ملموس يسيطر الفنان على تكنيكاته باستخدام الوسيط والاتصال المادي به.
حتى وان كان خيال الفنان جرئ وواسع الافق فإن هذا ليس كافياً ورؤيته للأشكال والألوان والتكوينات في مخيلته لا تكفي وتضل ناقصة ومشوهة حتى يضفي عليها تجسيداً مادياً محسوس وهكذا فإن الفنان عندما إزاء العمل على اللوحة فإنه يكتشف له تفضيلات قد يكون تجاهلها في وقت سابق وعندئذ يستطيع أن يفهم كيف يمكن تنمية بذرة رؤيته التخيلية إلى عمل فني كامل.

ويقول احد أهم وأعظم فناني عصرنا بابلو كازالس : ” أعتقد أنه لا يكفي الفنان أن يتعلم الموسيقى بعينه وحدها بل انه بحاجة إلى أن يمر بتجربة مادية وملموسة برغم ان الصوت بذاته لأن يغير فكرته عن العمل فإن انتقال الصوت إلى الاذنين من خلال الممارسة يبعث في نفسه النشوة فهي مفيدة ومثمرة وتساعد على الإبداع الفني”.

وكذلك الفنان التشكيلي عندما يلامس المواد والأدوات والألوان فإنه يشعر بالمتعة وقد يشعر في بداية الأمر بنوع من الاضطراب في الأفكار والمواضيع وصراع كيف؟ ومن أين؟ وماذا أرسم؟ وما الذي أريد أن أرسم؟
ولكن هذه الأسئلة هي أمر طبيعي تحدث لا مبدع.

وما إن يبدأ فإن الإلهام قد يومض فجأة كالبرق في لحظة غامرة تستنير فيها بصيرته وتتوقد مكامنه الإبداعية وتنفتح للتجلي وتتجسد ماديا في عمل فني خلاق.

فالفنان عندما يحاول نقل فكرته المتخيلة إلى الوسيط الخارجي فإنه قد يجدها أنها لا تصلح وذلك لأن ما سمعها داخلياً قد لا يكون الواقع المطلوب فعندما يبدأ برسم تمثال قد يكتشف ان المواد الذي معه قد لا تفي بالغرض وليست المناسبة ويضطر إلى إعادة النظر في تصوره للعمل ويبدأ السير في اتجاه جديد.

ومن هنا فإن التدريب والتجريب يعطي العملية الإبداعية الخلاقة اتجاه ومنحى يوحي للفنان بأفكار قد لا تكون خطرت على باله من قبل فالألوان والأصوات غنية بالقيم التعبيرية الترابطية التي يستطيع الفنان استغلالها ويقول النحات بيلي حول هذا الموضوع “إنه كلما مضيت قدما في النحت أوحى إليك والحذر ذاته بأن تقوم بتحسينات إلى تخطيطك الأول ولو كنت حساسا للرسائل التي ينقلها اليك لعدلت تفضيلات معينة أتناء عملك

ويقول كروشية ان استبعاد الوسيط المادي الذي هو جسم العمل الفني على أساس إنه ضئيل القيمة أو غير حقيقي يترك لدينا فهما مشوه غير متكامل للخلق الفني

*صحفي ومصور فوتوغرافي مهتم بالفنون البصرية