تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الغابرى.. ذاكرة اليمن البصرية عدسته تجاوزت صراع السياسيين

الغابرى.. ذاكرة اليمن البصرية عدسته تجاوزت صراع السياسيين

الغابرى.. ذاكرة اليمن البصرية عدسته تجاوزت صراع السياسيين

 

ابراهيم عشماوي
هو حالة يمنية مختلفة جدا، وهو صاحب الصنايع السبع والمواهب المتعددة. فإلى جانب شهرته كأهم مصور فوتوغرافي في بلده على مدار نصف قرن، يُعرف عبدالرحمن الغابري، أيضا، كصحفي وممثل وعازف ومخرج مسرحي وسينمائي ورحالة ومدون لأحوال التاريخ والجغرافيا. تجاوزت عدسته جمود وصراعات السياسيين إلى آفاق أرحب، في عشق اليمن. لكن حقيبته المثقلة بالذكريات والموثقة بالإبهار والتميز أرهقته ويخشى على ثمار رحلته الطويلة من الإهمال والضياع .

وآثار اليمن الإسلامية لها مكان فى مجموعته
يتحدث عبد الرحمن الغابري إلى «الأهرام» عن مجمل رحلته، فيقول: «قمت بتصوير كل ما له علاقة بتراث وتاريخ بلدي اليمن من آثار وموروث ثقافي وفولكلورى واجتماعي وأدبي وسياسي، وذلك منذ نصف قرن مضى وأكثر. ولدى أرشيف ضخم متنوع، ولدى أيضا أرشيف عن بعض الدول الصديقة والشقيقة» .

يضيف: «كل اللقطات أعتز بها ولا يمكن تفضيل بعضها على بعض، فعلاقاتي بجميع مشاهير اليمن من الأدباء والشعراء والفنانين وطيدة، وعاصرتهم جميعا منذ ستينيات القرن الماضي. وكل الكتاب والشعراء، قديمهم وحديثهم، أصدقائي وأملك لهم أرشيفا من الصور لكل عقود حياتهم. وكذلك الحال بالنسبة إلى الفنانين والفنانات في شمال اليمن وجنوبه قبل وبعد الوحدة، ومن هاجر منهم».

وعن علاقته برؤساء اليمن، يقول الغابري: «وثقت صورهم جميعا ولدى علاقات شخصية حسنة معهم، سواء اتفقت أو اختلفت مع توجهاتهم السياسية. فأنا كموثق وصحفي أهتم بالجانب الإنساني والشخصي لأى مسئول. والصورة ذات الذكاء تحكى عن مضامين الحدث، وإن كان صامتا. كما تعرفت ورافقت رؤساء عربا وأجانب».

يعيش عبد الرحمن الغابري تحديا كبيرا في حماية إبداعاته وصونها بعيدا عن التلف، فيقول: «أعمل على رقمنة أرشيفي المصور، وأقوم بذلك منفردا، فلا أحد غيرى يستطيع التصنيف، وبعض التقنيين يساعدونني بالمسح الضوئي للأفلام. وأبذل في سبيل ذلك جهدا كبيرا، لكنه ممتع».

وقدم الغابري مقترحات لجهات رسمية ومنظمات مدنية لمساعدته في التوثيق، لكنه لم يجد أى اهتمام. ولهذا تتعرض أعماله للسطو والسرقة من قبل رسامين ومدعى التوثيق فى صفحات التواصل الاجتماعي، الذين ينسبون جهده لأنفسهم.

الغابرى.. ذاكرة اليمن البصرية عدسته تجاوزت صراع السياسيين
ويوضح المصور اليمنى المخضرم: «لدى نحو مليوني صورة (نيحاتيف) و(بوزتيف)، مضافة إليها الصور الرقمية التى بدأت إعدادها من عام 2003. ولم أتمكن من رقمنة سوى ٩ % فقط من أرشيفي بسبب ظروف الحرب اللعينة. ولدى، حاليا، 48 صندوقا كبيرا تحتوى على تلك الأفلام المتنوعة، وقد دفعتني الحرب إلى توزيع الصناديق على أكثر من جهة آمنة، خوفا من تلفها، فأعداء الفنون فى اليمن يمكن أن يحرقوها، لأنهم يعتقدون أن الصورة من مسببات الفسق والانحلال والكفر».

وتسرد الإعلامية اليمنية سماح الحرازي، سيرة ذاتية للفنان عبد الرحمن الغابري، توضح فيها أنه من مواليد عام 1956، بمحافظة «ذمار»، حيث تشبع بجمال الطبيعة لمسقط رأسه، وذلك قبل انتقاله إلى صنعاء، للالتحاق بمدرسة الأيتام بعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر لعام 1962. ثم التحق بالتوجيه المعنوي للجيش وبدأ أول ارتباط مع عالم الصحافة. احترف التصوير، وابتعث الى سوريا عام 1970 لدراسة فنون الطباعة. ودرس أيضا الموسيقى والتمثيل. وفى 1975، ابتعث إلى لبنان لدراسة الإخراج السينمائي، ونال شهادة دبلوم فى الإخراج. وهو مخرج سينمائي تسجيلي وموسيقى وصحفي، شارك فى تأسيس نقابة الصحفيين اليمنيين منذ عام 1976. وتقلد منصب رئاسة إقليم اليمن باتحاد المصورين العرب، والمدير التنفيذي لمؤسسة الهوية اليمنية الثقافية .

تضيف «الحرازي» أن الغابري أقام حتى الآن، 79 معرضا داخل اليمن وخارجه، وعين مستشارا لوزارة الثقافة للفنون البصرية، وحصل على العديد من الشهادات التقديرية فى مجال التصوير محليا ودوليا. ومارس فى بداياته العمل الإعلامي فى الراديو والتليفزيون وفرقة الرقص والغناء الشعبي. وانضم فى فترة من حياته إلى المقاومة الفلسطينية وأنجز فيلما باسم «مكان الولادة فلسطين».

وتشير الحرازي إلى أن عدسة الغابري منحت المرأة اليمنية اهتماماً خاصاً، ورافقت يومياتها سواء فى الريف، أو المدينة، أو فى الجامعة، أو الحقل.

ويرى الملحن اليمنى جابر على أن الغابري فنان متعدد المواهب، فهو الى جانب كونه مصوراً بارعاً له دوره فى مجال الموسيقى والإخراج، ودفعه حسه الوطني الى توظيف الكاميرا على نحو جعل منها راصدا للأحداث والشخصيات والأماكن .

ويرى الدكتور عمر صالح، رئيس قسم الفنون الإذاعية والتليفزيونية بكلية الفنون الجميلة باليمن، أن الغابري عبارة عن «أرشيف وطني» يرسم بالصورة الفوتوغرافية ملامح الوطن الخلابة، مدنا وقرى وعادات وتقاليد وطبيعة وأزياء لكل الأعمار.

ويؤكد السفير عبد الله على دحان، بوزارة الخارجية اليمنية، أن الغابرى عبارة عن حالة فنية نادرة فى اليمن، وممن يشار إليهم بالبنان بأرشيفه الوطنى المتنوع فى عالم التصوير والتوثيق. فيما يكشف طارق ردمان، مخرج مسرحى يمنى، أن الغابرى كان يتحمل من نفقته الخاصة، قيمة التصوير. وكان يتنقل من مكان إلى آخر على نفقته، ليلتقط أجمل الصور وأندرها، موثقا المناظر السياحية الخلابة، لخدمة بلاده.

نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية