سليم الشرعبي/
تقيم الفنانة والملحنة اليمنية، فيروز ضيف الله، دورات خاصة لتعليم الموسيقى والعزف على آلات العود والبيانو للفتيات اليمنيات بمنزلها في العاصمة صنعاء. عندما تتحدث عن الموسيقى، تبدي شغفًا كبيرًا بها، وتحرص على مساعدة النساء اليمنيات على تعلمها، وتشجيع الموهوبات لمواصلة الإبداع وتخطي التحديات التي يفرضها المجتمع.
تقول ضيف الله “هدفي من إقامة دورات تعليم الموسيقى للفتيات اليمنيات، هو تقديم خدمة ربما ليست متاحة للكثير من فتيات اليمن، وهذا دوري كفنانة ومؤمنة بالفن وتأثيره الإيجابي على المجتمع”.
بدأ شغف ضيف الله بالموسيقى والفنون منذ وقت مبكر من عمرها، حيث كانت تعيش مع أسرتها في جمهورية التشيك، تشيكوسلوفاكيا سابقًا، حيث تعلمت فيها العزف على النوتات بتشجيع من والدها. إلى جانب اهتمامها بالموسيقى، اهتمت بالدراسة الأكاديمية، حيث حصلت على درجة البكالوريا في علم اللغة الإنجليزية من جامعة “بالاتسكي”في تشيك، ودرجة الماجستير في اللغة الإنجليزية.
بعد أن عادت ضيف الله إلى اليمن، واصلت تعليمها الأكاديمي العالي، ونالت درجة الدكتوراه في الأدب المقارن من قسم اللغة الإنجليزية في كلية اللغات بجامعة صنعاء. برغم تفوقها الأكاديمي، لم تترك الموسيقى جانبًا، بل واصلت الاهتمام بها حتى اليوم.
تتحدث عن طبيعة التدريب التي تقدمه للفتيات، وتقول: “أعمل على تعليم جميع الفتيات الملتحقات بالدورات كل ما يحتجن من خبرات في مجال الآلات الموسيقية وكيفية التعامل معها، وأساسيات مهارات وقواعد تعلم العزف وقراءة النوتة الموسيقية والعزف المتقطع والمنفصل والعزف باليد اليمنى واليسرى وغيرها من المهارات التي يحتاج الفنان لمعرفتها لكي ينطلق ويؤسس هويته الخاصة”.
تعتمد ضيف الله على تعليم النوتة الموسيقية، وهي لغة عالمية يتطلب إتقانها الكثير من الجدية والمثابرة والاهتمام، وتعمل على تبسيط ذلك للمتدربات. برغم وجود بعض المعاهد التي تقدم خدمات تعليم الموسيقى، إلا أن تلك المعاهد ليست بالضرورة مخصصة للفتيات فقط، فهي غالبًا تقبل الجنسين، بحسب ضيف الله. هذا الأمر جعلها تتميز بتوفير بيئة خاصة للفتيات اللاتي لا يمكنهن الالتحاق بالمعاهد التي تقبل الجنيسن.
فيروز .. شغف تدريب وتشجيع الفتيات على الموسيقى
تجمع الصورة الدكتوره فيروز مع الأستاذ عبدالله الدبعي والموسيقية ريام الدبعي والعديد من الطلبة
في اليمن، لا يوجد إقبال من النساء على تعلم الموسيقى، حيث تشرح ضيف الله السبب، وتقول : “للوعي الديني والمجتمعي الخاطئ الذي يحرم الموسيقى دور في ذلك، بالإضافة إلى العامل الاقتصادي وقلة التعليم، وانسداد الأفق لدى الكثير النساء اللاتي يعتقدن أنه لا جدوى من تعلم الموسيقى طالما لا يستطعن ممارستها وإظهار مواهبهن ورسالتهن للعالم”.
إقرأ أيضاً الصحفي مجاهد القب يوضح ما تعرض له في الخوخة
حضور الموسيقى برغم القيود
عبدالله الدبعي، مدير عام الفنون في المركز الثقافي بصنعاء، يقول إن تعليم الموسيقى في اليمن يواجه الكثير من التحديات، وتكون التحديات أكبر أمام النساء. ويضيف الدبعي : بالرغم من ذلك، برزت الكثير من التجارب التي حققت نجاحًا لافتًا، واستطاعت بعض النساء إثبات أنفسهن، واليوم الكثير من العازفات اليمنيات فرضن حضورهن على الساحة الفنية المحلية، وبعضهن تجاوزن ذلك إلى النطاق العربي”.
ويشدد مدير معهد الفنون إلى أهمية أن تحظى المرأة اليمنية، مثلها مثل غيرها من النساء، بالفرصة في تعلم وممارسة الموسيقى، مشيدًا بكل المبادرات التي يتبناها فنانون وجهات أهلية، وتسهم في صقل وتطوير مهارات شبان وشابات اليمن.
سميحة العيني، واحدة من الفتيات اللاتي وجدن في الدروس التي تقدمها المدربة فيروز، فرصة لصقل موهبتهن في مجال الموسيقى، تقول، إن “تعلمي للموسيقى كان بمثابة الحلم الذي ظل يراودني منذ الصغر إلى أن سمحت لي الفرصة حاليًا مع الدكتورة فيروز، لأصقل مهاراتي وأستكشف قدراتي، وقد استطعت تعلم الكثير من المهارات بدقة عالية، وأواصل لأكتسب البقية”.
تقول ريام الدبعي، قائدة الفرقة الوطنية الموسيقية الشبابية، إن الكثير من النساء اليمنيات يمتلكن مواهب فنية فريدة، وكل ما يحتجن له فقط، هو التدريب وإتاحة الفرصة وتخطي النظرة المنغلقة تجاه الفن والموسيقى بشكل عام، وممارسة النساء للموسيقى بشكل خاص”.
تبدو الحياة مملة بدون موسيقى، وهذا ما يدفع ضيف الله، الفنانة والأكاديمية، إلى بذل المزيد من الجهد للتوفيق بين عملها الأكاديمي كأستاذة جامعية، وعملها كمدربة موسيقى. وتقول: “عندما تقدم شيئًا جميلًا، وتعطي أحدهم أملًا بالتعلم والاستمرار في ممارسة هوايته، تشعر بالبهجة والراحة مهما كانت المهمة ثقيلة ومرهقة”.
نقلا عن موقع “المشاهد”