ويليام ميريت تشيس (1849 – 1916) وهو فنان أمريكي يتمتع بمهارات عالية، في زمنه كان يمثل الموجة الجديدة من المواهب الأمريكية المتعلمة في أوروبا، وهو من دعاة الانطباعية، عمل في التدريس، كما أنشأ مدرسة تشيس للفنون، كان عضواً في مجموعة تيلر، وهي مجموعة من الفنانين والمؤلفين، وكان من بينهم بعض أصدقائه البارزين: وينسلو هومر، آرثر كوارتلي وأوغسطس سانت جودنز. ولد في ويليامزبرغ إنديانا، لعائلة ميسورة، أظهر اهتماماً مبكراً بالفن، ودرس على يد الفنانين المحليين الذين علموا أنفسهم بأنفسهم، حثه معلموه على السفر إلى نيويورك لمواصلة تدريبه الفني، وصل إلى نيويورك عام 1869، والتقى ودرس مع جوزيف أورييل إيتون لفترة قصيرة، ثم التحق بالأكاديمية الوطنية للتصميم تحت قيادة ليمويل ويلمارث، وهو طالب الفنان الفرنسي الشهير جان ليون جيروم.
في عام 1870، أجبر تراجع ثروة الأسرة تشيس على مغادرة نيويورك إلى سانت لويس بولاية ميسوري، وبينما كان يعمل للمساعدة في إعالة أسرته، نشط في مجتمع الفن في سانت لويس، وفاز بجوائز عن لوحاته في معرض محلي، عرض أول لوحة له في الأكاديمية الوطنية في عام 1871. أثارت موهبة تشيس اهتمام جامعي الأعمال الأثرياء في سانت لويس ممن رتبوا له زيارة أوروبا لمدة عامين، وهناك استقر في أكاديمية الفنون الجميلة في ميونيخ، التي كانت تستقطب أعداداً متزايدة من الأمريكيين، كما درس على يدي: ألكسندر فون فاغنر وكارل فون بيلوتي.
سافر إلى البندقية، مع عدد من الفنانين قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة في صيف عام 1878.
في نيويورك، أصبح تشيس من ركائز الفن الأمريكي فقام بتأسيس استوديو خاص به، في شارع تينث، ولاحقاً انتقل إلى استوديو ألبرت بيرستادت القديم، وكان هذا الاستوديو بمنزلة نقطة محورية لنخبة الفنون في مدينة نيويورك في أواخر القرن التاسع عشر.
اللوحة
هذه واحدة من الأعمال الفنية المبكرة المميزة لوليام ميريت تشيس، (زيت على قماش) 1883، وهي من ضمن مقتنيات متحف كليفلاند للفنون.
اللوحة تعرض موهبته المتألقة كرسام بورتريه. كانت دورا ويلر واحدة من أوائل الطلاب المميزين عند ميريت تشيس، وقد رسم تشيس هذه الصورة فور عودة ويلر من تدريبها في أكاديمية جوليان في باريس للشروع في تأسيس مهنة لها في نيويورك. استطاع الفنان في هذه اللوحة أن يبرز التعبيرات الهادئة عند ويلر من حيث اعتزازها بنفسها وما تمتاز به من هدوء صارخ.
فالرسم يبرز ويلر جالسة وهي تسند وجهها بيدها اليسرى، وتبدو نظراتها موجهة نحو المشاهد بطريقة مباشرة، الصورة رسمت في استوديو الفنانة ويلر الذي يقع في مبنى يضم شركة باسم «الفنانون الشركاء»؛ حيث كانت والدتها كانديس ويلر تمتلك شركة فنية تُعنى بزخرفة المنسوجات، وعملت ابنتها ويلر مصممة في هذه الشركة.
تظهر ويلر في اللوحة وهي تجلس على كرسي إليزابيثي كبير، وإلى جانبها من جهة يدها اليمين يظهر وعاء أزرق مملوء بالنرجس فوق منضدة صينية الصنع منحوتة من خشب الأبنوس. تعمل المسحة ذات اللون الذهبي الرائعة للنسيج المعلق الممتد من إحدى حواف القماش إلى الطرف الآخر بمنزلة رقاقة دراماتيكية للألوان المتباينة الغنية باللونين البني والأزرق.
منذ البداية، تصور تشيس اللوحة كقطعة عرض، من شأنها أن تظهر براعته وتعزز سمعته كفنان كبير. يعتمد نهجه في الرسم على تحفيز أقصى ما لديه من قوة تخيل اتسم به أسلوبه في ميونيخ، فاللوحة غنية الألوان بطبقاتها من الأصفر والأزرق والبني، وتشي بحيوية اللون ومهارة ضربات الفرشاة التي أكسبته شهرة عالمية. في الواقع، ساهمت الشخصية الرائدة لصورة دورا ويلر في تعزيز مسيرة تشيس المهنية.
نقد
عندما ظهرت اللوحة لأول مرة في أمريكا بمعرض جمعية الفنانين الأمريكيين في العام التالي، قوبلت بإشادات متباينة من النقاد بسبب خروجها الجذري عن تقاليد رسم البورتريه. في مراجعته للوحة أعرب الناقد الفني والأكاديمي الأمريكي ويليام كراري برونويل عن استيائه من عدم تقبل اللوحة بصورة كافية من قبل الجمهور بحجة أن الآنسة ويلر «لا تساوي شيئاً» وأنها ليست أكثر من دعامة زخرفية تحاكي الفنان ويسلر في إشارة إلى لوحة ويسلر الشهيرة بعنوان (الأم)، على النقيض من ذلك يؤكد ويليام كراري برونويل أن تشيس وضع شارته الخاصة في هذه اللوحة، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال القطة التي تطارد ذيلها في الجزء العلوي الأيسر من اللوحة.
دورا ويلر كيث (1856 – 1940)، وعرفت كذلك باسم السيدة بودينوت كيث، كانت فنانة بورتريه، ورسامة جدارية، ومصممة ورسامة للكتب والمجلات، ومصممة ومزخرفة لمفروشات والدتها، وكانت والدتها كانديس ويلر مؤلفة، وفنانة، ورائدة أعمال، وخبيرة معروفة على المستوى الوطني في المنسوجات والديكورات الداخلية، اشتهرت بدعمها للنساء كفنانات ومصممات، أما والدها توماس ماسون ويلر، فكان رجل أعمال معروف وكان رجلا تقدميا دعم زوجته وابنته في طموحهما الفني.