تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » علي بن علي الآنسي: قصة فنان يمني من رحم التحديات إلى قمة الإبداع في زمن الثورة والجمهورية

علي بن علي الآنسي: قصة فنان يمني من رحم التحديات إلى قمة الإبداع في زمن الثورة والجمهورية

آنستنا يا عيد.. 83 عيداً من البهجة والخلود

 

محمد المخلافي
تاريخ اليمن غني بالفنون والثقافة، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن الغناء وآلاته الموسيقية كانت جزءًا لا يتجزأ من الحضارات القديمة مثل السبئية والمعينية والحميرية قبل الميلاد. تركت تلك الحضارات بصماتها في النقوش التي تروي قصص الموسيقى والفن، مما يعكس عمق الهوية الفنية للشعب اليمني.
في سياق هذا التراث الغني، يبرز الفنان علي بن علي الآنسي كأحد الأسماء اللامعة في الساحة الفنية اليمنية، وخصوصًا خلال جيل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962. تمثل حياته قصة ملهمة مليئة بالتحديات والطموحات، حيث وُلد في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي في أحد البيوت العتيقة بحارة الباشا في صنعاء القديمة. نشأ في ظروف اقتصادية صعبة، محاطًا بنظام إمامي استبدادي أثر بشكل كبير على مجريات الحياة اليومية في اليمن.

بين ذمار وتعز ومجالس الطرب
منذ صغره، تأثر علي الآنسي بالأناشيد التي كان يؤديها التلاميذ في حارته، مما أشعل في قلبه شغفًا كبيرًا بالفن والتعليم. تتبع مسيرته الدراسية بين عدة مدارس قبل أن ينتقل إلى ذمار للعيش مع أخيه القاضي محمد الأنسي، ومن ثم توجه إلى تعز حيث كان أخوه الأكبر، العميد أحمد الآنسي، يعمل في السلك العسكري.
في تعز، انخرط في الجيش وعمل ككاتب عسكري لمفرزة الحجرية. لم تكن تلك التجارب مجرد مراحل عابرة في حياته، بل ساهمت بشكل كبير في تشكيل شخصيته وصقل موهبته الفنية والغنائية، مما مهد له الطريق ليصبح رمزًا من رموز الفن اليمني.
وجد نفسه في مدينة تعز محاطًا بأجواء نابضة بالحياة والإبداع. عاش في منزل أخيه في منطقة الجحملية، التي تقع على سفح جبل صبر، وكانت بمثابة مركز حيوي لمجالس فنية متنوعة، تشمل مجلس أخيه الذي كان يجمع الفنانين والمبدعين من مختلف التوجهات.
توفرت أمامه الفرص للتعبير عن نفسه والانخراط في الأنشطة الفنية المميزة في المدينة. بالإضافة إلى مجالس الجحملية، كانت هناك العديد من المجالس الأخرى في المدينة القديمة، وخصوصًا في الباب الكبير، حيث تلاقت الثقافات والأفكار، مما أضاف طابعًا خاصًا للحياة الفنية.
ترافق شغف الآنسي العميق لاستكشاف موهبته مع مشاركته في الفعاليات الفنية والاستماع إلى قصص الفنانين المخضرمين. كانت تلك اللقاءات مصدر إلهام له، تفتح أمامه آفاقًا جديدة وتعزز عزيمته لتحقيق أحلامه الفنية. في ظل هذه الأجواء المليئة بالإبداع، أصبحت تعز بالنسبة له عالماً جديدًا مليئًا بالفرص والتحديات، حيث تحمل كل زاوية قصة، وكل لقاء يمكن أن يغير مجرى حياته.

من رماد العود إلى لحن الحياة
في إحدى المرات، أهدى له أحد معجبيه، الأستاذ محمد السراجي، أول عود. كانت تلك الهدية بمثابة جسر يوصله إلى عالم الفن والغناء، تحمل بين أوتارها أحلامه وآماله في التعبير عن نفسه. لكن، سرعان ما تحولت فرحته إلى صدمة عندما علم والده بالأمر. اتخذ قرارًا صارمًا في لحظة من الغضب، وأقدم على إحراق العود في التنور بسطح منزله، وكأن النيران كانت تحتفل بانطفاء حلمه.
ومع ذلك، لم تُطفئ تلك النيران شغفه بالفن، بل زادته إصرارًا. كان يدرك في أعماق قلبه أن الفن هو جزء لا يتجزأ من هويته، وأن لا شيء يمكن أن يثنيه عن مساره. استمر في البحث عن أدوات جديدة للتعبير عن نفسه، متحديًا كل العقبات التي واجهته.
علي الآنسي، الذي استلهم ألحانه من نبض الحياة اليومية، عاش في عالم مليء بالأصوات والموسيقى. استمتع بتراثه الشعبي في قُرى العُدين وحقول ذي السُفَال، مستلهما من بكاء طفل، ونغمة قارئ القرآن، وصوت المؤذن. كان يجوب الطرقات بحثًا عن الجواهر الغنائية، وكأن لحن اليمن العريق يتردد في أذنه.
من خلال هذه الأصوات المتنوعة، بدأ الآنسي في تشكيل هويته الفنية، حيث نسج من تجاربه وتجارب الآخرين أنغامًا تعبر عن الفرح والحزن، الأمل واليأس. أصبحت موسيقاه مرآة تعكس واقع المجتمع، مما جعلها قريبة من قلوب الناس.
أول زيارة له إلى مدينة عدن كانت عام 1961، حيث تعرّف على كبار الفنانين المشهورين في ذلك الوقت، أمثال: محمد مرشد ناجي، وفضل محمد اللحجي، وأبو بكر بالفقيه، وحسن فقيه، ومحمد صالح همشري، وأحمد يوسف الزبيدي، وغيرهم من فناني عدن ولحج.
وخلال تلك الزيارة، أدَّى الآنسي أغنية عدنية للفنان محمد صالح همشري “اشهدوا لي على الأخضر، شل عقلي مني وأنكر”، التي كان دائمًا يتغنّى بها، وقد تم تسجيلها لاحقًا في إذاعة صنعاء بصوت الفنان علي السِّمَة.

أهازيج: توثيق التراث الموسيقي كجزء من الهوية الوطنية
في مقال له نشر على موقع البيت اليمني للموسيقى والفنون، ذكر رجل الأعمال والمهتم بشؤون الفن، الأستاذ أمين درهم العريقي، أنه في عام 1966، التقى بالفنان الراحل علي بن علي الآنسي في مدينة الحديدة. كان هذا اللقاء بمثابة انطلاقة جديدة، حيث تم الاتفاق على تأسيس شركة مساهمة محدودة تحت اسم “شركة أهازيج وأغاريد صنعاء”. كانت رؤيتهم تهدف إلى دعم الفن والفنانين، مع وضع الآنسي في قلب هذه المبادرة كرمز للفن اليمني.
تأسست الشركة برأس مال قدره عشرون ألف ريال، وتم إنتخابه رئيسًا لمجلس إدارتها. ضم المؤسسون شخصيات بارزة مثل الاقتصادي محمد عبدالوهاب جباري والدكتور سعيد الشيباني، مما يعكس الالتزام الجاد بتطوير المشهد الفني في اليمن. كانت من الإنجازات البارزة لهذه الشركة توثيق أغاني الفنان الآنسي وفنانين آخرين، وإنتاج أسطوانات بلاستيكية قُدّمت كاستثمار لرفع مستوى الفن اليمني.
تولى الفنان الآنسي منصب المدير الفني، حيث يقوم بجمع الفنانين من مختلف أنحاء الجمهورية، وتسجيل ألحانه لتصبح جزءًا من التراث الفني. كما كان عليه تمثيل الشركة أمام الجهات المختصة، مما يعكس الثقة الكبيرة التي وُضعت فيه.
قامت الشركة بإرسال الآنسي إلى بيروت لتسجيل عشر أغاني بالتعاون مع فرقة الأخوين الرحباني، وهي خطوة تعكس الطموح للتوسع فنياً. الأغاني التي تم تسجيلها، مثل “حبيبي” و”قمري صنعاء جنني”، لم تكن مجرد أعمال فنية، بل كانت تجسيدًا للروح اليمنية التي تُحاكي القلوب.
ساعد السفير اليمني في بيروت، أحمد جابر عفيف، الآنسي في تسهيل إجراءات التسجيل، مما يعكس الدعم الحكومي للفن. كانت الأغاني تُبث باستمرار عبر إذاعة صنعاء، مما ساهم في تعزيز مكانة الآنسي كأحد أعمدة الفن اليمني.

عبدالوهاب مصر يلتقي بعبدالوهاب اليمن
عند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، انطلق صوت الفنان علي الآنسي يشدو بأنشودة “باسم هذا التراب والفيافي الرحاب”، التي كتب كلماتها الشاعر الكبير صالح نصيب ولحنها الفنان المبدع حسن عطا. سجّل هذا العمل الفني في إذاعة صنعاء، ليحقق صدىً كبيرًا لدى الجمهور اليمني في شمال البلاد وجنوبها. كانت الأنشودة بمثابة دافع حيوي لانخراط الشباب في المقاومة الشعبية من جميع مناطق اليمن، وظلت تُعزف كنشيد صباحي في مدارس الجمهورية، مما يعكس كيف يمكن للفن أن يلعب دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء.
سافر الآنسي إلى صنعاء، حيث شارك الجنود والضباط في مواقعهم، متغنياً بالثورة ليبث فيهم روح الحماس والانتماء. لكن مسيرته لم تخلُ من الصعوبات؛ فقد تعرض لحادث مؤلم أُسعف على إثره إلى القاهرة للعلاج عام 1963. وفي المستشفى، أتيحت له فرصة نادرة للقاء الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي كان يزور المرضى القادمين من اليمن، سواء كانوا مصريين أو يمنيين.
بناءً على طلب عبدالوهاب، غنى الآنسي أنشودة “باسم هذا التراب”، وقد أعجب الموسيقار الكبير بصوت وعزف الآنسي وشجعه بشكل كبير. ولم يمضِ وقت طويل حتى خرجت الصحف المصرية، ومنها مجلة “المصور”، لتشيد بهذا اللقاء الرائع، حيث كتبت: “عبدالوهاب مصر يلتقي عبدالوهاب اليمن”. هذه العبارة أضافت لمسة من الفخر والاعتزاز للفنان اليمني، وتعكس كيف يمكن للفن أن يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، ويجمع بين الأجيال والفنانين في إطار مشترك من الإبداع.

اليوم يا تاريخ قف
تُعد أغنية “اليوم يا تاريخ قف” واحدة من أبرز الأغاني الوطنية التي غناها الفنان علي بن علي الآنسي، من كلمات الشاعر الكبير عبدالله البردوني. تمثل هذه الأغنية تجسيدًا حقيقيًا للروح الوطنية والحنين إلى العزة والكرامة.
اليكم بعض منها:
اليوم يا تاريخ قف

أشر إلى اليا بالألف

ماذا ترى ماذا تصف

لا تندهش لا ترتجف

هذي الجموع تأتلف

وكالسيول تنقذف

كي تسبق الوعد الأكف

مسيرها لا ينحرف

طريقها لا يختلف

عن عهدها السبتمبري

*
ماذا ترى أيدي سبا

فوق الربا مثل الربا

عادت تشق يحصبا

في كل شبر كوكبا

هنا تلاقت موكبا

من الشموخ والإبا

والعنفوان الحميري

*
بأمر أيلول المطاع

نمضي ونرمي كالشعاع

نعتز علواً وارتفاع

نحمر في أيدي الصراع

نخضر في كل البقاع

نزداد طولاً واتساع

وعنفوان واندفاع

الى الغد السبتمبري

——————————-
تبدأ الأغنية بنداء قوي “اليوم يا تاريخ قف”، وهو دعوة للتاريخ ليتأمل في اللحظة الفارقة التي يعيشها الشعب. هذا الخطاب يكشف عن شعور عميق بالفخر والانتماء، وكأن الشاعر يطلب من الزمن أن يلاحظ تحولًا عميقًا في مصير الأمة.
تتجلى في الكلمات صورة الجموع المتحدة، تلك التي تأتي كالسيل، لتؤكد على قوة الوحدة والتلاحم بين الناس. تعبير “تأتلّف” يعكس فكرة التماسك والترابط، حيث يصبح كل فرد جزءًا من كيان أكبر يسعى نحو الحرية والتغيير.
ثم يتحدث البردوني عن “أيدي سبأ” التي تعود لتشق طريقها، مما يرمز إلى تاريخ عريق يتجدد عبر الأجيال. هنا، يتداخل الماضي مع الحاضر في صورة شعرية تعكس الإصرار والعزيمة، فكل شبر من الأرض يحمل بصمة النضال.
وفي المقاطع الأخيرة، يبرز الشاعر أهمية اللحظة التاريخية من خلال “أيلول المطاع”، مما يعطي الأغنية بُعدًا زمنيًا يستحضر أحداثًا مفعمة بالفخر والانتصار. هذه الصور تحمل في طياتها رسالة قوية عن التقدم والنمو، حيث يعبّر الشاعر عن التفاؤل بمستقبل مشرق.
في النهاية، تمثل “اليوم يا تاريخ قف” أكثر من مجرد أغنية؛ إنها دعوة للتمسك بالقيم الوطنية، وللتأكيد على أن العمل الجماعي والإرادة القوية يمكن أن تصنع الفارق. إن هذه الأغنية تظل خالدة في ذاكرة الوطن، تجسيدًا لملحمة كفاح لا تنتهي.

كيف ولدت أغنية “أنستنا يا عيد
في الساعات الأولى من إعلان انتهاء شهر رمضان المبارك ودخول العيد، تتعالى أصداء أغنية “أنستنا يا عيد” عبر القنوات والإذاعات اليمنية. تجدها تملأ الشوارع والمنازل، وكأن العيد قد أصبح لحنًا يتردد في الأذهان، يربط الماضي بالحاضر ويجسد الفرح الجماعي.
تحدث الفنان علي الآنسي في أحد لقاءاته عبر شاشة تلفزيون الجمهورية العربية اليمنية آنذاك أنه في آخر ليلة من رمضان عام 1964، اجتمع مع الشاعر عباس المطاع في منزله، وكان معهم الإعلامي محسن الجبري. كان النقاش يدور حول كيفية الاحتفال بالعيد وما يمكن أن يقدمه الأغنياء للفقراء في هذه المناسبة الدينية العظيمة، حيث كانت رغبتهم في نشر السعادة بين جميع الناس. طلبوا من المطاع أن يكتب قصيدة تعبر عن هذه الروح. عندها، انتزع المطاع ورقة بيضاء من علبة سجائره وكتب الأبيات الأولى، بينما تولى الآنسي تلحينها وغنائها، ليقوم الجبري ببثها عبر إذاعة صنعاء في نفس الليلة.
تتألق في هذه الأبيات معانٍ عميقة: اليكم بعض منها:
اضحَكْ على الأيام وابرِد من الأوهام

وامرح مع الأنغام وافرح بهذا العيد

سلِّم على أحبائك وأهلك وأصدقائك

وقل لمن عابك: مبروك عليك العيد

للجاهل اضحك له وإن كان عديم دلّه

ومَن حنِق، قل له: مش وقت يا أخي عيد

هذه الكلمات تدعو إلى الفرح والتسامح، وتؤكد أهمية الروابط الاجتماعية في العيد. تذكرنا بأن الحياة قصيرة، وأن الفرح هو الخيار الأفضل في مواجهة التحديات.
صحيح أن هناك العديد من الفنانين الذين غنوا للعيد، مثل أحمد المعطري بأغنيته “أشرق هلال العيد”، وعبد الباسط عبسي بـ”أيامك حلوة يا عيد”، لكن تظل أغنية الآنسي الأكثر تميزًا وتعبيرًا عن هذه المناسبة المباركة. فهي تجمع بين الفرح وروح المجتمع، وتترك أثرًا عميقًا في القلوب، مما يجعل ذكرى العيد حاضرة فيها مهما مرت الأيام.

حكاية الآنسي مع صاحب الموتور
تتجلى في حياة الفنان الراحل علي بن علي الآنسي لحظات إنسانية تترك أثرًا عميقًا في نفوس من عاصروه. يروي صديقه الفنان محمد الجماعي قصة مميزة تعكس روح العطاء والوفاء.
في إحدى الليالي، بعد انتهاء حفل فني في قاعة سينما بلقيس، كان الآنسي يتحدث بشغف عن أغنية وطنية غناها، وكان يبحث عن تسجيل لها. فجأة، مر بجانبنا موتور يصدح بنفس الأغنية التي كان الآنسي يبحث عنها. لم يتردد الآنسي، نادى صاحب الموتور بصوت عالٍ، عارضًا عليه أي مبلغ مقابل شريط الكاسيت. لكن صاحب الموتور، الذي تأثر بشغف الآنسي، قرر أن يهبه الكاسيت مجانًا بشرط أن يحضر عرسه الذي سيقام بعد شهر.
بعد مرور شهر، جاء الآنسي إلى بيتي ووجهه مليء بالحماس: “هيا، أنت جاهز للذهاب إلى عرس صاحب الموتور؟” تذكرت في تلك اللحظة، كنت قد نسيت الموعد تمامًا.
عند وصولنا إلى مكان العرس، ارتسمت الدهشة على وجوه الحضور. كان العريس ينظر بإعجاب إلى الآنسي، الذي كان الأبرز والأكثر شهرة في صنعاء في تلك الفترة، ولم يتوقع أنه سيفي بوعده ويحضر.
جلسنا وبدأنا نمصغ القات ونتبادل الأحاديث مع الحضور، وبعد مضي قليل من الوقت، أخرج الآنسي عوده وبدأ يغني.

سرعان ما انتشر خبر أن الآنسي في عرس فلان، وامتلأ المكان بالناس، حيث تحول العرس إلى مهرجان فني.

غنى الآنسي مجموعة من أجمل أغانيه، ورغم بساطة المناسبة، إلا أن الأجواء كانت مفعمة بالفرح والمشاعر. وعندما حان وقت المغرب، نهض الآنسي ليغادر، نادى العريس وقدم له مبلغًا من المال كهدية، مما أضفى لمسة إنسانية على الموقف.
عبر العريس عن مشاعره قائلاً: “لقد حولت عرسي من مناسبة بسيطة إلى أرقى عرس في صنعاء.” كانت عيناه تلمعان بالدموع، وهو يدرك قيمة تلك اللحظة.
عانق الآنسي العريس بحرارة، وودعه بأطيب الأمنيات، ثم استأذن الحضور.
رحم الله الآنسي، بلبل اليمن، وفنان الثورة والحب، الذي ترك بصمة لا تُنسى في قلوب محبيه، مؤكدًا أن الفن ليس مجرد عمل، بل هو رسالة إنسانية تعبر عن الحب والوفاء. فبينما نجد بعض فناني اليوم يتقاضون مبالغ باهظة قد تصل إلى أكثر من ثلاثة الف دولار لليوم الواحد، كان الآنسي يمثل نموذجًا للفنان المخلص الذي يضع المجتمع في قلب عمله.
غادر دنيانا وهو في سن 52 عامًا في صنعاء في 19 أبريل 1981، بعد رحلة كان خلالها جنديًا شجاعًا، وفنانًا، وشاعرًا يعبر عن مشاعر الوجدان الإنساني. لقد بثت ألحانه وكلماته الحياة في روح الثورة، وجعلته علامة بارزة في الذاكرة الجماعية للشعب اليمني. تحمل أعماله رسائل عميقة تعكس التحديات والأمل، مما يجعل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة. يظل الآنسي رمزًا للكرامة الإنسانية وذخيرة ثقافية غنية، تذكرنا بأهمية التمسك بالقيم الوطنية والإنسانية.
صحفي وكاتب يمني