تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » قصيدة ولوحة

قصيدة ولوحة

قصيدة ولوحة

 

أحمد هادي*

بَرَزَت مِنَ المَنازِلِ القِباب
فَلَم يَعسِر عَلى أَحَدٍ حِجابي
فَمَنزِلي الفَضاءُ وَسَقفُ بَيتي
سَماءُ اللَهِ أَو قطعِ السَحابِ
فَأَنتَ إِذا أَرَدتَ دَخَلتَ بَيتي
عَلَيَّ مُسلِماً مِن غَيرِ بابِ
لِأَنّي لَم أَجِد مصارعَ بابٍ
يَكونُ مِنَ السَحابِ إِلى التُرابِ
___
أبو الشمقمق شاعر من العصر العباسي

للأبواب لغات وحكايات تتجاوز الأشكال واللحظة الراهنة إلى معان أخرى بعيدة وأكثر عمقاً متمردة عن الأشكال والصيغات التقليدية الباب وجه يتكلم يحكي ثقافة قصة سكانيه وأفكارهم سمات وجوههم، الباب صدرًا مفتوحا للريح ونافذة للأمل يتدفق منها أكسجين الحياة الحب والحنيين والحلم والأمل، إنه بابًا إلى القلب أمام نسيم الحياة.

والنافذة في هذه اللوحة تعبر عن الدلالات الفلسفية العميقة لمعاني الزمان والمكان والأرض والإنسان حيث يحيلنا الفنان إلى ماوراء الشكل وطريقة نظرتنا لها.
إضافة إلى وجود تناص بين المدركات البصرية المتمثلة في اللوحة و المدركات الحسية المتمثلة في قصائد الشعراء وهناك

الكثير من الأبيات الشعرية التي استخدم فيها الشعراء رمزية الأبواب والنوافذ للتعبير عن مختلف المشاعر الإنسانية
وهذه الرموز تظهر في العديد من القصائد لتعبر عن مشاعر مختلفة، مثل الأمل، الانتظار، الحرية، وحتى الحزن.

وعلى الجانب الآخر النوافذ والأبواب المغلقة يرمزان إلى الوحدة والصمت والحزن واليأس.
فمثلاً عبد الوهاب البياتي: يقول في قصيدته “النافذة”:
“سأفتح نافذتي ذات يومٍ
على عالمٍ تتجددُ فيهِ الحياةُ،
وأبصرُ فيهِ الربيعَ قادمًا
من حقول الأماني البعيدة.”

أما الشاعر اليمني عبدالعزيز الزراعي فيقول : في قصيدته (عشبة تحاور الرمل)
بُح لي بما شئت يا إنسان
إن لنا جرحاً يشاركنا النجوى ويستمع
افتح لهذا المدى سطراً وقافية
ليدخل الناس في المعنى ويجتمع
ما أوسع الأرض في نسيانها
فمتى قلوبنا نحن تنسانا وتتسع

وكذلك أمل دنقل: في قصيدته “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة”:
“أفتحُ بابَ الحلمِ كلَّ ليلةٍ
ليدخلَ الزمانُ بلا قيود
ويأتي الأملُ رغمَ الانتظار.”
أمل دنقل يستخدم الباب كرمز للحلم، الذي يُفتح دائمًا على الأمل رغم الصعوبات.

أما بدر شاكر السياب: فيقول
“الريحُ تملأُ المنزلَ المهجور
والأبوابُ تفتحُ وتغلقُ على صدى الريح.”

السياب يستخدم الأبواب لتعكس شعوره بالغربة والضياع، حيث تفتح الأبواب وتغلق دون أن يجد الشاعر من ينتظره.

تظهر هذه الأبيات كيف أن الأبواب والنوافذ قد تكون رموزًا متعددة الأبعاد في الشعر العربي وفي الفن التشكيلي وتُستخدم للتعبير عن مختلف المشاعر الإنسانية، بدءًا من الأمل وصولاً إلى الحزن.

والشعر والفن التشكيلي وجهان لعمله واحده والشاعر والفنان يتشابهان في كثير من الأشياء من ناحية المجال النفسي الذي يتبعانه ومن حيث القدرات النفسية والتجريبية والادائية التي يفترض أنهم مروا بها.

وفي لوحة الفنان حمود الضبياني نلحظ أن مضمون ورسالة اللوحة تدور حول هذا المعنى وقد قام الفنان بتوظيف ذكي للفكرة بشكل متسق ومتحد ومتناغم بين الشكل المستلهم من بيئته وتراثه وبين عمق المضمون ودلالاته النفسية.

*باحث وناقد يمني