علي المقري*
تابعتُ الأسبوع الماضي كتابات يمنية لاذعة واتهامية على وسائل التواصل الاجتماعي، تنتقد رسامين يعتمدون في أعمالهم على الصور الفوتوغرافية أو يستخدمون تقنيات حديثة لإنجاز لوحاتهم، مثل الرسم على صور مطبوعة مسبقا على القماش أو الاستعانة بالتقنيات الرقمية لخلق أعمال فنية. ويفسر منتقدوهم ذلك بأن هؤلاء الرسامين يقدمون أعمالا “زائفة” تحت غطاء الفن، معتبرين أن هذه الأعمال تجارية وليست فنية، مشككين في قدرات هؤلاء الرسامين الفنية. وفي الوقت الذي لم يعد فيه هؤلاء الفنانون يكسبون الكثير من أعمالهم بسبب انعدام السياحة في اليمن بعد حرب دامت عشر سنوات، فإن مثل هذه الحملات لا تضرّهم ماديا فحسب، وإنما أيضا معنويا وإنسانيا. فهي، إذ تتجاهل في معظمها حركة الرسم والفنون في العالم، لا يمكن تصنيفها سوى ضمن باب التنمّر ضد هؤلاء الفنانين الذين فقدوا كلّ مصادر العيش.
عند التجول في المدن الأوروبية، نجد آلاف التجارب التشكيلية، سواء في المعارض والمتاحف أو حتى في الشوارع. بعض الغاليريهات تركز على الرسم التقليدي بالألوان المائية أو الزيتية على القماش، مع الإطار المعتاد للوحات، بينما يتجه البعض الآخر نحو فنون مختلفة مثل الغرافيك والطباعة. كما تُعرض أعمال تجريبية حديثة تستخدم تقنيات مختلفة مثل الكولاج وإدخال مواد متنوعة كالقصاصات الورقية والبلاستيكية ودمج الصورة بالرسم، إضافة إلى أعمال تتجاوز المفهوم التقليدي للفن، فتشكل مجسمات من مواد مختلفة أو تُستخدم مواد سائلة، ليست بالضرورة لونية، مع تداخل عناصر بصرية وصوتية وتوثيقية، بل إنها تتجاوز حتى إطار اللوحة وحيّز المعرض المعتاد.
هذا التنوع يُعتبر جزءا من الفن المعاصر. في المقابل، نرى أيضا فنا معروضا في الشوارع الأوروبية، خصوصا في المناطق السياحية، حيث نجد فنانين يعرضون لوحاتهم على الورق أو القماش، تتناول مواضيع متنوعة كالأماكن السياحية والوجوه التعبيرية، أو تقليد أعمال فنية مشهورة سواء في هيئاتها المعروفة أو بتعديلات مختلفة، مثل رسم الموناليزا بوجنتين على شكل تفاحتين أو وهي في حالة سكر في مرقص. ويستخدم هؤلاء تقنيات متعددة، مثل الرسم بالريشة أو بمساعدة أدوات رقمية وأجهزة ضوئية وتصويرية وطباعية.
*روائي يمني