فاطمة العنسي
منذ الصغر، كانت ولا زالت إميليا الحميري مفتونة بالفن التشكيلي والرسم، إذ تقضي معظم وقتها في تعلم هذا الفن وإنتاج الرسومات التي تعكس الطبيعة والعديد من القضايا المجتمعية.
استطاعت إيمليا، 30 عامًا، أن تصنع لفنها حضورًا في اليمن، وتعد اليوم من ضمن أفضل الفنانين التشكيليين في محافظة إب وسط البلاد. لا تتوقف إميليا عن التعلم والاستفادة من العديد من الرسامين الموهوبين في اليمن والدول الأخرى. في حديثها لـ “المشاهد”، تقول: “كل من مررت على فنه وإبداعه، أخذت منه ما احتاج لتطوير مهارتي الفنية.”
كونها امرأه، فإنها لا تذهب بعيدًا عما تشعر به، إذ أن أغلب رسوماتها تصور المرأة، وتركز على قضاياها. تقول إيمليا: “المرأة هي الميزان الذي يقاس به سلامة المجتمع، إذا كانت المرأة سليمه من الأزمات النفسية فإنها ستربي جيل مسالم متصالح متوازن نفسيا وواعي بما يدور حوله.”
ترى إميليا أن قصص المرأة يجب أن تنشر على هيئة فن من أجل استيعاب وفهم مشكلاتها، ولن يصلح حال المجتمع إلا إذا صلح حال المرأة أولًا، وعلى الرجل ان يستشعر أهمية المرأة فيحاول أن يضعها في المكان الصحيح الذي يناسب قيمتها ومكانتها.
لم تحصل إميليا على التعليم الجامعي المتعلق بالفن التشكيلي، وانما طورت موهبتها نظرًا لرغبتها وشغفها بالرسم. توضح: “بالممارسة المستمرة والتجارب المتواصلة، والتعلم الذاتي عملت على صقل موهبتي. إنه نوع من التفاعل مع الحياة والطبيعة بطريقتي الخاصة ولمسة ريشتي المختلفة.”
وفقًا لفلسفة إيمليا، على المرء أن يجد ما يسعده في عزلته، بعيد على ضوضاء الناس والحياة، شيئا يأنس به في وحدته، ويرغب به، ليس فقط في الفنون، بل أيضا القراءة والكتابة، إذ أن كلها فنون تُصلح النفس والروح.
الصعوبات
تتحدث إيمليا عن الصعوبات التي واجهتها، وتقول: “لا شيء يأتي بالسهل. كل ما نسعى إلى شيء نريده، نجد الصعوبات تقف بالمرصاد، هذا الطبيعي، خصوصا إذا كنت فنان. ميزة الفن أنه يولد من المعاناة، لكن الإصرار والعزيمة وحب الشيء تجعلنا نتعالى وننتصر في النهاية.”
ترى إميليا الحميري أن الفنانين التشكيليين في اليمن هم أكثر الفئات التي لا تأخذ حقها سوى في التعليم الأكاديمي او الفرص الوظيفية، نتيجة النظرة السائدة للفن، واعتباره رفاهية، لا ضرورة.
تعتقد إميليا أن المجتمع اليمني متعطش للفنون ويسعى باستمرار إلى خلق مساحة هادئة يمكنه لينسى همومه الناجمة عن ويلات الصراع والفقر. وتؤكد: “لمست هذا التفاعل والعطش من خلال المعرض الذي قمت بافتتاحه كأول معرض تشكيلي فني في يوليو الماضي، كانت سعادتي لا توصف، عندما رأيت إقبال الناس على هذا الفن.”
معرض “حاملات الشريم”
نظمت إميليا معرضها الأول بعنوان “حاملات الشريم” في محافظة إب في أغسطس 2024، وتشعر بالامتنان للجمهور الذي لمس فنها وانبهر بلوحاتها وجعلها ـ كما تقول ـ تتلمس ثمار مجهودها في وجوه وانفعالات الزوار.
تقول إيمليا: “حاملات الشريم كان نتيجة تراكم فني ومعرفي، وأردت من خلاله تقديم شيئًا يلامس كل أطياف المجتمع. أشعر أن ذلك المعرض يتحدث عني وعن جميع النساء بشكل عام.”
وتضيف: “هو للنساء اليمنيات اللواتي يخضن تجارب ومعاناة عديدة في بيئتنا، واستلهمت فكرة المعرض من سبع قضايا تهم النساء، منها المرأة النازحة، المهمشات، زواج القاصرات، المرأة المربية، الجدة وارتباطات الطفولة، ذوات الهمم العالية، والمرأة المستقلة.”
أحتوى المعرض على 14 لوحة كبيرة تعبر عن النساء اليمنيات وقضاياهن، بالإضافة إلى 60 لوحة جانبية تناولت قضايا متنوعة.
تدعو إميليا الجهات المعنية إلى الالتفات بشكل جدي إلى الفنانين، لأن الفن قوة ناعمة نستطيع من خلالها النهوض بالمجتمع والارتقاء به. تختم حديثها وتقول: :”لا بد من الاهتمام بالفنون التشكيلية وخلق فرص عمل للفنانين التشكيليين. هواة الفن يعزفون عن دراسة الفنون في الجامعات، ولا يرغبون أن يقضوا الكثير من الوقت في هذا المجال، خوفًا من أن يصبحوا مهمشين، ويعانون الفقر.”
نقلا عن موقع “المشاهد”