تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » البرازيل.. الحداثة الفنّية منذ مئة عام

البرازيل.. الحداثة الفنّية منذ مئة عام

البرازيل.. الحداثة الفنّية منذ مئة عام

 

يفتتح الثلاثاء، الثامن والعشرين من الشهر الجاري، في “الأكاديمية الملكية للفنون” بلندن، معرض “البرازيل! البرازيل! ولادة الحداثة”، والذي يتواصل حتى الحادي والعشرين من نيسان/ إبريل المقبل بمشاركة مئة وثلاثين عملاً تمثّل المشهد التشكيلي في البلد الأميركي الجنوبي بدءاً من عشرينيات القرن الماضي وحتى السبعينيات.

المعرض، الذي ينظّم بالتعاون مع “مركز بول كلي” في برن، يضيء التفاعل المشترك بين ثقافة السكّان الأصليين في البلاد، وبين الثقافات التي جلبها المستعمر البرتغالي والأفارقة الذين رُحّلوا إلى البرازيل كمستعبدين من غرب القارة السمراء حتى نهاية القرن التاسع عشر، ثم استقبلت مهاجرين من مختلف أنحاء العالم.

يعود المنظّمون إلى نقطة مرجعية تتمثل بعام 1889، حيث انتهى الحكم الإمبراطوري، وأُعلنت أول جمهورية في البرازيل وكانت عاصمتها ريو دي جانيرو، وتمّ إلغاء العبودية ما تبعه من هجرة للعديد من العمال المستغلين والمستعبدين السابقين إلى منطقة ساو باولو للاستفادة من الطفرة الاقتصادية هناك، وترافق ذلك مع حدوث العديد من التمردات والهبّات الشعبية ضمن مناخات تأثرت بالأفكار اليسارية والثورية.

عكست ساو باولو مزيجاً متنوعاً من الثقافات في العشرينيات التي شهدت ولادة حركة طليعية تجاوزت القواعد الكلاسيكية المهيمنة على الفنون، وقدّمت مقترحات جمالية وفلسفية للانفكاك عن التوجهات الفنية التي فرضها الاستعمار، وخلق لغة تصويرية خاصة قدّمها عدد من الفنانين الذين تخرّجوا من عدد من الجامعات الأوروبية آنذاك.

وتصدّر هذه الحركة مجموعة من الأسماء، في مقدمتهم أنيتا مالفاتي (1889 – 1964) التي درست في برلين، وتارسيلا دو أمارال (1886 – 1973) وكانديدو بورتيناري (1903 – 1962) وفيسينتي دو ريغو مونتيرو (1899 – 1970) وغيرالدو دي باروس (1923 – 1998) الذين درسوا في باريس، ورغم تأثرهم بداية بالتيارات التعبيرية والمستقبلية والتكعيبية، إلا أنهم نزعوا إلى الانخراط في التقاليد والمواضيع التي تعبّر الثقافات الأفرو-برازيلية التي يشكّل السكّان الأصليون والمستعبدون الأفارقة جذرها الأساسي.

ومع توطين الحداثة، صعدت أسماء في حقول مجاورة مثل الهندسة المعمارية التي عرفت اسمين بازرين على مستوى العالم، هما أوسكار نيماير (1907 – 2012) ولينا بو باردي (1914 – 1992)، بموازاة الحداثة في الفن والأدب والموسيقى وكذلك التصميم.

يضم المعرض أيضاً أعمالاً لفنانين تعلموا ذاتياً، ومنهم ألفريدو فولبي (1896 – 1988)، ودجانيرا دا موتا إي سيلفا (1914 – 1979) وهي فنانة من السكان الأصليين، والفنان البرازيلي الأفريقي روبن فالنتيم (1922 – 1991)، والفنان والمهندس المعماري فلافيو دي كارفالو (1896 – 1988).

يركّز المعرض على لحظة استثنائية في تاريخ الفن في البرازيل التي شكّلت بالنسبة لهؤلاء الفنانين وأغلب المثقفين حينها أرض الفرص والملاذ الآمن بأراضيها الشاسعة ومواردها الطبيعية الضخمة، وصهرها ثقافات عديدة لم تقتصر على الأوربيين والأفارقة والشعوب الأصلية بل شملت القادمين من الهند ودول آسيوية وأميركية لاتينية عديدة.