تستعد سوق الفن العالمي لاستقبال حدث استثنائي في أيار/ مايو المقبل بمدينة نيويورك، حيث ستُعرض مجموعة نادرة من الأعمال الفنية القديمة التي جمعها المؤرخ والجامع الشهير توماس أ. سوندرز الثالث وزوجته جوردان على مدار عقود.
ووصفت دار سوذبيز هذه المجموعة بأنها من أهم المجموعات الفنية المطروحة في سوق “الذاكرة الحية”، إذ تقدر قيمتها بنحو 120 مليون دولار، متجاوزة بذلك جميع الأرقام القياسية للأعمال الفنية القديمة المماثلة.
تتميز هذه المجموعة النفيسة بتنوعها الزمني والمدرسي، حيث تضم لوحات تعود إلى الفترة الممتدة من القرن السادس عشر، وحتى القرن التاسع عشر، وتنتمي إلى مدارس فنية متعددة. ومما يزيد من قيمتها أنها عُرضت سابقًا في مؤسسات فنية مرموقة، كالمعرض الوطني للفنون في واشنطن، ومتحف “ريجكس” في أمستردام.
ويُذكر أن الراحل سوندرز كان قد عبّر ذات مرة عن شغفه بجمع الأعمال الفنية قائلًا: “إن عملية الجمع هي تجربة محفِّزة في حد ذاتها، فهي تلتقط الظروف الغريبة المحيطة بصور معينة، والمواقف المضحكة التي تحدث، والأشخاص الرائعين الذين يلتقيهم المرء، مع إدراك أن الحظ قد يكون العامل الأكثر تأثيرًا في تشكيل المجموعات العظيمة”.
وكان للزوجين سوندرز رحلة استثنائية في عالم جمع الأعمال الفنية، إذ حظيا بدعم ومساعدة كبيرة من جورج واتشر، رئيس مجلس إدارة “سوذبيز”، ورئيس قسم اللوحات القديمة على مستوى العالم. وتشير جوردان سوندرز إلى طبيعة العلاقة التي جمعتهم قائلة: “في تلك الأيام، لم يكن هنالك مستشارون فنيون يتقاضون أجورًا في مقابل تقديم المشورة، كما هي الحال اليوم، لكنني في الواقع توليت هذا الدور مع عائلة سوندرز في ذلك الوقت”.
وعلى مر السنين، نجحت عائلة سوندرز في الاستحواذ على أعمال لكبار الفنانين، أمثال فرانشيسكو جارديس، وأدريان كورتيس، وجيريت دوس، وبيير جاك فوليريس، متحدين في سبيل ذلك الظروف الطبيعية القاسية والمسافات البعيدة للوصول إلى القطع الفنية النادرة المحفوظة في المجموعات الخاصة.
ومن الجدير بالذكر أن المزاد المرتقب يأتي في وقت تشهد فيه سوق الفن القديم انتعاشًا ملحوظًا، حيث سجلت مبيعات اللوحات القديمة في دار سوذبيز ارتفاعًا بنسبة 23% خلال العام الماضي، مقارنة بالعام الذي سبقه، وفقًا لتقرير حديث نشرته مجلة “آرت نيوز” المتخصصة.
كما كشفت مصادر مطلعة أن المجموعة تضم لوحة نادرة للفنان الهولندي جيريت دوس تعود إلى القرن السابع عشر، وكانت مفقودة لأكثر من 50 عامًا قبل أن يعثر عليها توماس سوندرز في مزاد صغير في إحدى ضواحي لندن عام 1988، وقد قُدرت قيمتها وحدها بـ 18 مليون دولار.
ويتوقع خبراء الفن أن يشهد المزاد منافسة محتدمة بين المتاحف العالمية الكبرى والمجموعات الخاصة، خاصة مع ندرة ظهور مجموعات بهذا الحجم والأهمية في السوق، مما يجعل هذا الحدث فرصة تاريخية لمحبي الفن ومقتنيه على مستوى العالم.