توفيت، الإثنين الماضي، إحدى رائدات الغناء الفلكلوري الشعبي اليمني، تقية الطويلية، بعد أن قضت سبعة عقود تقريبًا في الغناء، منذ بدأت تجربتها الأولى قبل ثورة 26 سبتمبر 1962، من خلال جلسات نسائية، لتظهر شهرتها العامة عقب قيام الثورة اليمنية.
تحلت الطويلية بشجاعة نادرة من خلال اقتحامها مجال الغناء في مرحلة كان الغناء في اليمن حكرًا على الرجال؛ فواجهت معوقات استطاعت تجاوزها، بما فيها محاولة قتلها، وبرزت من أوائل الفنانات اليمنيات اللاتي تحدين التقاليد المجتمعية. ساهمت في إحياء عديد من الأغاني التراثية والأناشيد، وسجلت عددًا من الألبومات، وفق أدبيات يمنية.
يقول عبد الرحمن الغابري، وهو مصور فوتوغرافي ومخرج سينمائي في منشور على صفحته في “فيسبوك”: «الفنانة تقية ناضلت لتكون من أهم مطربات اليمن، بل من أوائل المطربات، فقد تعرضت للموت مرارًا بسبب إصرارها على ممارسة الغناء في ظروف مجتمعية غاية في التعقيد والانغلاق، وكامرأة تحدّت تلك القيود فغنت للزراعة والأفراح، وأنشدت للثورة بجانب فنانينا الكبار، وشاركت في الأسابيع الثقافية اليمنية في الداخل والخارج».
فيما قال الكاتب والشاعر محمد عبد الوهاب الشيباني، في منشور آخر: «تقية الطويلية عانت الأمرين، وهي تؤسس لمجدها الشخصي كمطربة شعبية عرفها كثير من اليمنيين منذ منتصف الستينيات، وهي من أوائل الفنانات اليمنيات اللاتي تحدين التقاليد المجتمعية وسلكن درب الفن؛ غنت مع أشهر فناني اليمن، وفي مقدمتهم علي عبد الله السمه ومحمد حمود الحارثي، وهما أول من لحن أعمالًا غنائية لها. بدأت مسيرتها الفنية بشكل جلسات نسائية خاصة، إلا أن موروثها الفني المسجل وشهرتها على الساحة الفنية اليمنية كانت في سنوات السبعينيات».
وأضاف: «قرأت مرة في حائط أحد الأصدقاء قوله: “في حوار إذاعي معها، شرحت فيه معاناتها في بداية مشوارها الفني، وقالت: لحقني أخي إلى بيت الحارثي.. حاول منعي من الغناء. أطلق الرصاص على بيت الحارثي، لكني صبرت وتحملت من أجل الفن، وفي مرة من المرات سممني أخي، وبقيت أربع سنين مرقدة أتعالج في المستشفى، ووصفت حماستها للفن قالت: “ما خليت معسكر أنا وعلي الآنسي إلّا زرناه. شجعنا الجنود وغنينا لهم».
ورثاها الصحافي محفوظ الشامي، في منشور قال فيه: «موت الذين ملأوا الحياة بالأمل والجمال يخيفني؛ فرحيلهم خسارة مؤسفة. لطالما كنت وسأظل من محبي غناء الفنانة القديرة تقية الطويلية، ومن أشد المعجبين بمسيرتها الفنية، التي لم تخل من المخاطر. رحمات الله تغشاها والعزاء لليمن كافة».
نعتها وزارة الثقافة والسياحة بصنعاء، وقالت في بيان: «إن الفقيدة كانت إحدى رائدات الغناء اليمني النسوي، وقدمت العديد من الأغاني والأناشيد الوطنية، ومثلت نموذجًا رائعًا في مسيرة الفن اليمني». وأشاد البيان «بالأعمال الفنية الإبداعية للفنانة تقية الطويلية، التي رفدت بها الساحة الفنية اليمنية، وأثرت المكتبة الفنية بالعشرات من الأغاني والأناشيد، ولحن لها عدد من الفنانين اليمنيين، كما غنت للعديد من الشعراء ولها رصيد من الأغاني الوطنية».
