تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » مراهقتي في شارع الأعشى

مراهقتي في شارع الأعشى

زواج الحضارم في مسلسل ”شارع الأعشى” يُحيي التراث اليمني على شاشة MBC


هند الارياني
تعوّدنا كيمنيين أن نشاهد مسلسلات مصرية، أو سورية، أو لبنانية لا تشبه كثيرًا حياتنا، ولكن هذه أوّل مرّة أشاهد فيها مسلسلًا عربيًّا، وأشعر بأنه يشبه حياتي التي عشتها كيمنية في مجتمع شبيه بمجتمعي.. إنّه مسلسل شارع الأعشى.

وأنا أشاهد المسلسل المستوحى من رواية الكاتبة الروائية السعودية (بدرية البشر) عدت بذاكرتي لكل مراحل حياتي في اليمن، ففي كل مشهد من المسلسل أجد أنه يشبه حياتي أو حياة امرأة عرفتها في اليمن.

في أول مشهد للأخوات على سطح المنزل، وهن يستمعن للأغاني في مسجّل الصوت، أو المسجّلة. ذكّرني هذا بسطوح بيت صديقاتي اللواتي كنت أزورهنّ بشكل يومي كانت أكبر متعة لنا هي النظر للسماء وألوانها والاستماع لأغاني كاظم الساهر، والأغاني الأجنبية من الثمانينيّات. ورغم أن المسلسل يصوّر فترة السبعينيّات والثمانينيّات إلا أن المراهقة التي عشتها في التسعينيّات لا تختلف كثيراً عمّا شاهدته في المسلسل. هذا الحبّ المبنيّ على الإعجاب بشخص لا تعرفه بسبب عدم القدرة على التواصل بين الجنسين، وعزلهما عن بعضهما. التلفون الوسيلة الوحيدة للتواصل أو الرسائل الورقية والشرائط التي تحمل أغاني حبّ. الحياة التي تتخيّل فيها المراهقة أنها تعيش قصّة حبّ قويّة مع شخص لا تعرفه فقط لأن شكله أعجبها. أيضا الانبهار بالجنسيات العربية الأخرى من الرجال اعتقادًا بأنّهم ربّما أكثر حنانًا وحبًّا.

صوّر المسلسل جانبًا مهمًّا، وهو تحوّل الشخص الذي كان يحبّ جارته من محبّ لمحمد عبده لمتطرّف كاره لكل شيء بعد أن حرم من الزواج منها. وتزايد التطرّف في بداية التسعينات وهي الفترة التي عايشتها وشاهدت كيف تحوّل الكثير من الرجال من لمتطرّفين فجأة، فيحرمون زوجاتهم من مغادرة المنزل.
جميع الشخصيات النسوية في المسلسل تقمّصت الدور بشكل رائع. وأعجبتني شخصية عزيزة -التي مثلت دورها لمى الكناني- الشخصية المتمرّدة قليلا التي تدعم النساء الأخريات، ولديها طموحات أبعد من سطح بيتهم وحارتهم.

وأعجبتني أيضا شخصية وضحى -التي أبدعت في تمثيلها إلهام علي- المرأة القوية التي تعيش بدون رجل، وكافحت من أجل أبنائها وبناتها. ذكّرتني بالكثير من النساء اللواتي أعرفهنّ في اليمن.

هذا المسلسل أعادني للكثير من الذكريات، إلى شرائط الكاسيت والأغاني التي تجعلك تعيش في عالم يختلف عن عالمك. نعم، لقد كتب الكثيرون عن شارع الأعشى، ولكنّني أكتب عنه اليوم لأنّني وجدت فيه لقطات جميلة من حياة جميلة.. كدت أن أنساها.

نقلا عن إذاعة مونت كارلو الدولية