ثمة من يقهر الظروف في اليمن، وهناك من يحوّل مآسي الحرب وآلامها إلى قصص نجاح، ينمي من خلالها مواهبه ومهاراته.
الشاب اليمني نجيب النجار، كان أحد هؤلاء الذين لم يستسلموا لمعاناة الحرب وتبعاتها، وانطلق يحسن قدراته في مجال فريد ونادر على مستوى اليمن والوطن العربي، وهو “فن تقنية كونسبت”. هذا التحدي الذي دخله النجار، أهله ليكون أحد القلائل المتخصصين والمبدعين في هذا النوع النادر من الفنون في العالم، وهو فن قائم على محاكاة وابتكار “خيالات” وبيئات “افتراضية” تستخدم في ألعاب الفيديو الإلكترونية.
قاهر الحرب
أتت الحرب في اليمن على الكثير من مواهب الشباب والمبدعين وأوقفت طموحاتهم عن التطور، إلا أن الشاب اليمني نجيب النجار خالف هذا الواقع. فقد استلهم من الحرب ذاتها أساليب ومهارات ساعدته وتطوير موهبته في الرسم الرقمي باستخدام “تقنية كونسبت”، فقد كانت بدايته عبارة عن مشاهد تحكي عن الحرب في اليمن. ومن هذا المنطلق، استخدم النجار إيحاءات ومآسي الحرب في اليمن وكوارثها؛ ليدخل بموهبته إلى العالمية، وهو ما كان.
مرحلة التعلم
هذا الإبداع لم يكتسبه نجيب بمحض الصدفة، بل مر بمراحل عديدة مستعينا بإرادته لاكتساب المهارات عبر مرحلة التعلم على مواقع تعليمية عالمية متخصصة في هذا النوع من الفنون. وبجهوده وشغفه استطاع الوصول بإبداعه إلى أكبر الشركات في العالم، والمشاركة في أقوى المعارض الخاصة بهذا الفن مع مجموعة من الفنانين العالميين.
ورغم ندرة تقنية كونسبت في العالم العربي إلا أنها منتشرة على مستوى العالم، وهذا ما دفع النجار إلى احتكاكه ومشاركة مختصين أجانب في هذا المجال؛ أدى إلى أن يصبح محترفا ومتقنا.
مرحلة التنافس
لم يكتفِ الشاب اليمني بالاحتكاك، بل دخل في نسج صداقات مع عدد من المختصين في العمل على مواقع متخصصة في مجال تقنية كونسبت، عندها استطاع نجيب التعرف على فنانين أجانب استفاد منهم كثيرا، الأمر الذي أهله للمشاركة في معارض افتراضية صقلت موهبته، عبر خضوع الأعمال للنقاش والانتقاد وإبداء الملاحظات عليها. وساعدت هذه الانتقادات والملاحظات في تطوير قدرات نجيب النجار، ورفع مستوى أعماله وتجويدها لترتقي إلى العالمية.
مرحلة الاحتراف
سبق للنجار المشاركة في مسابقة دولية، وحصل على المركز الثالث على مستوى العالم، بالإضافة إلى أنه حقق الكثير من الإنجازات في مجاله. وتأتي هذه الإنجازات رغم أن مجال تقنية كونسبت من المجالات الصعبة وغير المستقرة، والتي تشهد تحديثات وأدوات جديدة في فترات متقاربة وبشكل مستمر.
ويتوقف النجاح في مثل هكذا أعمال على مواكبة كل جديد، والتقدم باستمرار وتطوير القدرات والمهارات للصعود إلى مستويات أفضل.
نقل الخبرات
لا يقف تميز نجيب النجار عند اتقانه لفن الكونسبت والنجاح فيه ووصوله إلى العالمية، بل هناك جوانب مضيئة في شخصيته لا تقل عن موهبته واحترافه. فهو يعمل على نقل خبراته ومهاراته إلى غيره من الشباب اليمني، من المستجدين في هذا الفن النوعي، عبر تقديم دورات تدريبية دون أي مقابل، وعبر منصات عالمية.
وفي هذا يؤكد نجيب من خلال أفعاله بأنه نموذج للشاب اليمني المقاوم لظروف الحرب، وكأن لسان حاله يقول: يجب أن يحذو بقية الشباب اليمنيين حذوي؛ ليتغلبوا على تبعات الصراع الدائرة في بلادهم