تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » وهران مدينة الحلم الجزائري ومحجّ أهل الفن

وهران مدينة الحلم الجزائري ومحجّ أهل الفن

وهران مدينة الحلم الجزائري ومحجّ أهل الفن

 

تحول اسم وهران مع الزمن إلى «ماركة مسجلة» لنجاح أي عمل فني موسيقي أو درامي أو مسرحي، فهي المركز الذي يحج إليه أهل الفن، ليحظوا بالشهرة. كما تولت المدينة في عز سنوات الدم والدمار إبان العشرية السوداء (1990-2000) رسم البسمة على شفاه الجزائريين، فكانت كوميديا فرقة «بلا حدود» التي كانت تبث في رمضان، ملاذا للهروب من ذلك الواقع المأساوي الذي صنعه الإرهاب في البلاد. ولم يكن الثمن بسيطا، فقد بكت وهران عددا من كبار مبدعيها الذين اغتالتهم أيادي الإجرام، مثل مطرب الراي المحبوب الشاب حسني والمسرحي الكبير عبد القادر علولة.

عن تاريخ المدينة الفني، يقول الصحافي والناقد محمد علال إن «موسيقى الراي ساهمت في التعريف بمدينة وهران كوجهة فنية بارزة، خاصة عندما أعاد الشاب خالد اداء أغنية «وهران» للراحل بلاوي الهواري، وكما معلوم فإن الموسيقى والأدب هما عاملان أساسيان في التسويق لأي مدينة». وقبل أن تحتضن ألعاب البحر المتوسط، كانت وهران حسب المتحدث، بهذا الوهج وهو ما ساعد الجزائر في افتكاك شرف تنظيم الألعاب في وهران نظرا لموقعها الجغرافي وبعدها التاريخي والحضاري ولما تتمتع به من سمعة ثقافية عالمية، ولا يزال الجزائريون ينظرون إلى وهران، كعاصمة للثقافة والفن بإمتياز.

بعد الموسيقى، تتحول وهران اليوم إلى عاصمة لصناعة الدراما بامتياز، يقول علال. فاللهجة الوهرانية المفهومة بالنسبة لجميع الجزائريين مقارنة ببعض اللهجات المحلية الأخرى، ومناخ الحرية الذي تتمتع به وهران هو ما شجع المنتجين من أجل التوجه لإنتاج أحدث الأعمال الدرامية الجزائرية مثل «بابور اللوح» و«أولاد لحلال» الذي احتاج إلى بيئة اجتماعية خاصة لتصور بتلك الطريقة التي نالت إعجاب الجمهور الجزائري. ومؤخرا، يضيف، تحول استديو «ديسكو مغرب» إلى مزار سياحي كبير بفضل أغنية «ديجي سنايك» التي قدمها تكريما لهذا الأستديو الذي ساهم في رواج أغنية الراي التي تعتبر رمزا فنيا كبيرا للمدينة، وساهم بشكل كبير في الترويج لمدينة وهران عالميا.

ويضيف علال كل ما تعيشه المدينة اليوم، ليس وليد الصدفة، فوهران لها تاريخ ثقافي عريق جدا، وقد مرت عليها العديد من الحضارات خاصة الإسبانية، منذ أن تأسست عام 903 ميلادي، وبفضل ميناء المرسى الكبير عبرت الثقافات والموسيقى والرسم والعمران، خلال القرن الرابع عشر أصبحت وهران مركزاً فكرياً، وقد قال عنها ابن خلدون: «وهران متفوقة على جميع المدن الأخرى بتجارتها وهي جنة التعساء. من يأتي فقيراً إلى أسوارها يذهب غنياً». وقد اكتسبت هذه المدينة بعدين هامين، على المستوى التجاري والثقافي، وما تعيشه اليوم، حسب الناقد، ما هو إلا انعكاس لتلك التطورات الثقافية، وفي العصر الحديث ساهمت الرواية الأدبية مثل رواية «الطاعون» لألبير كامو في تقديم مدينة وهران للعالم الأدبي عندما نقل كامو معاناة أهل المدينة في تلك الفترة في رواية حازت على جائزة نوبل للأدب.