تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الظلم الناشئ عن تفاوت المجتمعات عبر التاريخ في الفن التشكيلي

الظلم الناشئ عن تفاوت المجتمعات عبر التاريخ في الفن التشكيلي

الظلم الناشئ عن تفاوت المجتمعات عبر التاريخ في الفن التشكيلي

 

يُسلط الفنان الجنوب أفريقي «ويليام كانتردج» (William Kentridge) الضوء على همجيات بشرية تميل إلى الإستهتار الاجتماعي والسياسي، ليجمع في الذاكرة الإنسانية عبثيات تاريخية أدّت الى الحروب والاستعمار، وعدم المساواة والظلم الناشئ عن تفاوت المجتمعات عبر التاريخ في الفن التشكيلي والفنون الأخرى. إذ يميل الى خلق صراعات يفصل بينها بفن يمنح قضية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أهمية إنسانية قبل أي شىء آخر، وبعدة أساليب فنية غير التشكيلية، إلا أن الإسقاطات التي يمارسها على الصورة هي الجزء الأساسي الذي يسلّط عليه الضوء، ليكون ذاكرة خاصة بالسود، لكنها إنسانية بحتة بعيداً عن الانتهاكات الأخرى، فالنزعة الإنسانية في أعماله كافة، التشكيلي منها والمسرحي، وحتى أفلام الرسوم المتحركة المرسومة باليد ليحاكي بذلك الحس الإنساني في العالم تاركا لقضايا جنوب أفريقيا لونا مغايرا في الفن الذي جعل منه رسالة مفتوحة زمنيا على العالم. فهل إنعكاس الأزمات البشرية على النفس تحفر أثرها في نفس الفنان؟ أم أن الرؤية الإبداعية للفنان هي نسيج قدّمه تكريما للجنود الأفارقة الذين خدموا في الحرب العالمية الأولى؟ وهل تمثل رسوماته الخوف من الانتهاكات الإنسانية بشكل عام؟

الخوف من التفاضل من خلال الفن هو الخوف من النتائج الإنعكاسية على البشرية من قضايا الحروب والرعب المصاحب لها من نتائج حتمية تؤدي الى هلاك الإنسان، بغض النظر عن التمثيل الفني في المبدأ المصاحب لقضايا أخرى متعددة، تهدف الى إظهار إرادة الإنسان مهما كان لونه أو شكله أو درجاته في مجتمع متقدم أو بدائي، فالإنسان هو الإنسان والوجوه البشرية لها نفس الفم والعيون والمواصفات الأخرى. فلماذا وصلت قضايا السود الى ما وصلت إليه؟ وهل يحاول التحرر من هذه المفاهيم المغلوطة من خلال الفن؟ أم هو يمارس مجموعة خبراته من رسوم متحركة ومسرح وفن تشكيلي في إبراز قضية شغلته، لتكون بمثابة سجل إنساني ببصمة ويليام كانتردج الذي يعالج قضايا الفصل العنصري من خلال الفن؟
رمزية قصصية من خلال الفن التشكيلي وبقوة بصرية إدراكية هي إيهام حركي لمعنى الصراع لنيل الحقوق وفق إطار الموضوعات الأفريقية المعاصرة، وبأسلوب مثير حسيا للإنسانيات التي تفتح الأبواب أمام حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسه ودينه ولونه.

فالإنسان هو الإنسان في كل زمان ومكان وفي أي بقعة من الأرض، إلا أن كانتردج يترجم أفكاره الى حركة في كل شيء من الخطوط الى الألوان والأشكال، وبرموز لحكايا شعبية معروفة تاريخيا، بل ومنقوشة في ذاكرة شعب جنوب أفريقيا. فهل في الوجوه صرخة صامتة تنادي بحقوق الإنسان؟ أم أن الميل الى إظهار تعابير الوجوه هو للفت النظر الى التعبير المختلف من إنسان لإنسان آخر في قضية ما زالت مفتوحة فنيا؟ وهل الإنفتاح على السوق الأفريقية التشكيلية حاليا هو إستعادة لإحداث رئيسية كانت السبب في إبراز الفن التشكيلي الأفريقي خاصة؟

يركّز الفنان «ويليام كانتردج» على الإنسانيات بين الأفراد دون أن يغفل قضايا العنف بلونين غالبا الأبيض والأسود، وإن شملت الألوان الأخرى حيّزا مختلفاً، إلا أنه لا يفصل الدوافع النفسية من رسوماته، بل يتركها ضمن اللحظة الراهنة التي يرسم فيها لتكون تعبيراته بعيدة عن الوحشية أو القضايا الوحشية، ليعطي أعماله مشروعية إقناعية مدروسة بفلسفة تجاوز الماضي للخروج من أسر التاريخ الذي يلاحق قضايا السود، ولكن بتحرر معاصر هو جزء من المفهوم الفني الذي يمارسه لبث جمالية خاصة ملتزمة بقضايا الإنسان في جنوب أفريقيا وفي العالم. فهل نسج أعماله برؤية صاغها وفق مفهوم الفن الإنساني ومصداقية مزاياه الإنسانية؟