تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الظل والنور يرسمان ثلاثة وجوه للملك تشارلز الأول

الظل والنور يرسمان ثلاثة وجوه للملك تشارلز الأول

 

السير أنتوني فان دايك (1599 – 1641) هو من أشهر الفنانين في البلاط الإنجليزي، رسام فلامنكي ولد في أنتويرب، بلجيكا وتوفي في لندن، المملكة المتحدة، اكتسب شهرته الفنية في هولندا وإيطاليا، وقد تأثر بباولو فرونزه (1528 – 1588) وهو رسام من عصر النهضة في مدينة فينيسا في إيطاليا، كما تأثر بالفنان بيتر بول روبنس، (1577 – 1640) ‏ وهو أيضاً رسام فلمنكي أعماله مثال صارخ على المدرسة الباروكية في فن التصوير.
عرف دايك برسوماته لتشارلز الأول ملك إنجلترا وأفراد عائلته و حاشيته، وقد منحته إنجلترا وسام الاستحقاق بدرجة فارس، نظيراً لشهرته الفائقة في لندن، وتم تكريمه من عدد من النبلاء الذين رسمهم، وصورهم اليوم متوفرة في معظم المتاحف الإنجليزية.
عمل فان دايك في لندن لبضعة أشهر عام 1621، ثم تنقل بين إيطاليا وبلجيكا، وفي عام 1632 عاد إلى لندن ليكون رسام البلاط الرئيسي بتوصية من الملك تشارلز الأول، وقد اشتهر بصوره التي مثلت نماذج فريدة من الأرستقراطية الأوروبية، وأبرزها لوحته الشهيرة.

كان تأثير فان دايك واضحاً في كثير من الفنانين، وقد تميز بصفته رائداً من رواد الحركة الباروكية بأسلوب مميز في تصوير الوجوه، من خلال اهتمامه بالظل والنور، واستغلال الخطوط المنكسرة والمتموجة، وقد انتقل هذا التأثير إلى الحركة الفنية في عموم أوروبا. وعلى الرغم من عمره القصير، فإنه ترك عدداً هائلاً من الصور الشخصية التي تمثل كبار رجال عصره من الملوك والنبلاء وغيرهم، مثل الملك كارل، والدوق ريتشموند، والكونتيسة دو أكسفورد، ودوق هاملتون. كما ترك لوحات كثيرة تمثله شخصياً، وهي منتشرة اليوم في أشهر المتاحف العالمية، ونظير شهرته الفائقة دفن في كاتدرائية القديس بولس.

غادر فان دايك إلى إيطاليا في أواخر عام 1621، ومكث فيها ستة أعوام، وهناك حصل على درجة الماستر في الفنون، بدأ حياته المهنية الناجحة كرسام بورتريه، وكان يقدم نفسه للنخبة الإيطالية بتعالٍ واضح، كما يقول جيوفان بيترو بيلوري، من خلال سلوك مبالغ فيه ومصطنع من النبل فقد كان يتأنق في الملابس الغنية، والظهور بكثرة في دوائر وحلقات النبلاء بوصفه صاحب عقل رفيع، وكان حريصاً على أن يكون متميزاً في كل شيء، وارتدى ملابس الحرير، مع قبعة بها ريش، وتطريزات ذهبية، وسلاسل متدلية على صدره، وكان يظهر دائماً برفقة عدد من الخدم.

الظل والنور يرسمان ثلاثة وجوه للملك تشارلز الأول

*اختلافات
(تشارلز الأول في 3 مواضع)، والمعروفة أيضاً باسم (الصورة الثلاثية لتشارلز الأول) هي لوحة زيتية للملك تشارلز رسمها دايك في عامي 1635 و1636، وهي تظهر الملك من ثلاث جوانب، صورة وجهه من جهة اليسار، والوجه من الأمام، وثالثة من اليمن تبرز نحو ثلاثة أرباع صورة الوجه، والصورة محفوظة ضمن المجموعة الملكية في متحف لندن.
تختلف ألوان الزي في الصور الثلاث، خاصة في ما يخص رباط الياقة الذي يتدلى من أعلى الرقبة إلى أسفل الكتف بقليل، رغم أن دايك حافظ على وجود الشريط الأزرق في الياقات الثلاث، أظهر فان دايك براعة خاصة في رسم الوجوه الثلاثة للملك تشارلز، وكانت براعته واضحة في رسم أطواق الدانتيل الذي أظهرها رغم الاختلاقات الواضحة في أشكالها الثلاثة وهي منسدلة على كتف الملك، بشفافية ظاهرة في اللون، مع حرصه على إبراز النقوش على الياقات الثلاث بصورة تطابق الواقع؛ حيث ظهر الملك بأحلى صورة في عمل «أيقوني» وفني بارع. أرسل دايك اللوحة إلى روما عام 1636 لاستخدامها كمرجع للنحات الإيطالي البارز في القرن السابع عشر جان لورينزو برنيني (1598 – 1680)، وذلك لإنشاء تمثال نصفي من الرخام لتشارلز الأول.

أنجز لورينزو التمثال النصفي عام 1637 ونال إعجاب البلاط الملكي بسبب شبهه الكبير بالملك تشارلز، والذي كافأ لورينزو بخاتم ألماس ثمين. وقد كلفت الملكة هنريتا ماريا لورينزو بيرنيني بعمل تمثال نصفي لتحرص على اصطحابه في تجوالها، لكن الحرب الأهلية الإنجليزية تدخلت ولم ينجز التمثال للملكة. بيع التمثال النصفي لتشارلز الأول في نهاية الحرب الأهلية الإنجليزية، لكن، تم استعادته من قبل المجموعة الملكية لصيانة التراث، لكنه للأسف لم يسلم من الحريق الذي أتى على قصر وايتهول في يناير/كانون الثاني 1698، فدمر التمثال بالكامل.
ظلت اللوحة الثلاثية لتشارلز في حوزة النحات بيرنيني وورثته في قصر بيرنيني، حتى عام 1802، إلى أن بيعت إلى تاجر التحف البريطاني ويليام بوكانان، وعادت إلى إنجلترا. تم عرضها في المعرض البريطاني عام 1821، ومن ثم آلت إلى مقتنيات المجموعة الملكية عام 1822.

*نسخ

تم عمل نسخ عديدة من هذا العمل لدايك، ربما من قبل مؤيدي البيت الملكي، بما في ذلك نسخة تم إنشاؤها حوالي عام 1750، وهي الآن ضمن مجموعة متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، من جهته يضم المتحف البريطاني نقشاً يعتقد أنه يصور التمثال النصفي قبل تدميره، أما اليوم فاللوحة معلقة في غرفة رسم الملكة في قلعة وندسور.