محمد غبسي/
يعتبر اليمنيون من أكثر الشعوب المتذوقة للفن البصري، بل وأكثرهم تعايشا مع الألوان، فثمة تغذية بصرية يحصل عليها اليمني منذ نعومة اظافره، والكثير منا ولد داخل معرض فني، أو تربى فيه على الأقل.
نعم نحن اليمنيون نحب الفن أكثر من أي شعب آخر، لدرجة أننا جعلنا اللوحات الفنية جزءا من منازلنا، كأعمال فنية تتحدى الزمن وتغيرات الطبيعة، جعلناها نوافذ للضوء والدفء والتأمل والتباهي بأشكالها وألوانها وأحجامها.
نشاهد الفن بشكل يومي، لوحات زاهية الألوان بديعة الأشكال، فيها الزهور والورود والأغصان والشمس والقمر والطيور والعصافير والخطوط العربية وغيرها، وهي لوحات ذكية تحيل الجدار عدم فترى من الداخل والخارج كأنها
القمريات هي هذه اللوحات الوحيدة التي تزين منازلنا من الداخل والخارج، وهي المعارض المفتوحة التي عرفنا الألوان والأضواء من خلالها وتأملناها أكثر من أي أعمال فنية أخرى، بل هي النوافذ التي أطل آبائنا وأجدادنا على الفن.
يعود استخدام القمرية في العمارة اليمنية لما قبل 4000 عام، وفق بعض الدراسات التي أشارت إلى أنّ استخدام الرخام الشفاف كمادة تسمح بنفاذ ضوء الشمس لداخل المبنى ترجع لعصر ملوك سبأ.
واليوم لا يزال الكثير من اليمنيين يعشقون القمريات بالرغم من اعتماد بعض أساليب العمارة الحديثة بأنماط خارجية، إلا أننا نرى العديد من المنازل تحافظ على هذا الإرث الفني التاريخي الفريد الذي يميز العمارة اليمنية عن غيرها.
القمرية فن كان وسيظل سمة من سمات الإنسان والعمارة اليمنية، وستبقى هذه اللوحات البديعة جزءاً مهماً من جدران المنازل، كما ستواصل انتشارها على امتداد الشوارع كمزهريات تستمد ديمومتها من الطبيعة اليمنية الساحرة.
- الصورة بعدسة المصور كريم زراعي