جورج رومني (1734 – 1802) هو رسام إنجليزي من مشاهير القرن الثامن عشر، وصف بالفنان الأكثر حداثة في عصره؛ حيث رسم العديد من الشخصيات الرائدة في المجتمع، بما في ذلك ملهمته الفنية، إيما هاملتون، عشيقة اللورد نيلسون.
ولد في بكسايد، دالتون في لانكشاير، وهو الابن الثالث من بين 11 طفلاً، لجون رومني، صانع الخزائن الشهير، وزوجته آن سيمبسون. نشأ في كوخ يدعى «هاي كوكن» ابتعث إلى مدرسة قريبة من بلدة ديندرون، وهي بلدة أمريكية في مقاطعة سوري (فيرجينيا). كان طالباً غير مبالٍ، فترك المدرسة في سن 11 عاماً، ليتدرب في شركة والده بدلاً من ذلك.
أثبت رومني أن لديه قدرة طبيعية على الرسم وصنع مجسمات فنية من الخشب، بما في ذلك آلات الكمان (التي برع في العزف عليها طوال حياته). في سن 15 عاماً، تعلم الفن على يد صانع ساعات محلي يدعى جون ويليامسون، لكن دراسته بدأت بشكل جدي في عام 1755، عندما ذهب إلى كندال في سن 21 عاماً، فتدرب لمدة 4 سنوات مع فنان البورتريه كريستوفر ستيل، كما درس بنفسه مع الفنان الفرنسي المتميز كارلو فانلو.
في عام 1757، عمل رومني رساماً للبورتريه والمناظر الطبيعية والتاريخية.
بعد انتقاله إلى لندن عام 1762، أصبح أحد رسامي البورتريه الرائدين في المجتمع الجورجي. حصل رومني على شهرته كرسام للأطفال بعد رسمه للوحة «أطفال ليفيسون جاور» أو «الأطفال الراقصون»، التي أنتجها في منتصف حياته المهنية عندما كان في ذروة قدراته.
في 1763، أدخل رومني لوحته «وفاة الجنرال وولف» في مسابقة الجمعية الملكية للفنون. فحصل على الجائزة الثانية البالغة 50 جنيهاً، ولكن تم تخفيضها لاحقاً إلى 25، ويقال إن السير جوشوا رينولدز نفسه كان المحرك الرئيسي وراء هذا القرار، وهي حقيقة ربما تكون السبب في نفور الرجلين من بعضهما طوال حياتهما.
اللوحة
تعتبر لوحة «أطفال ليفيسون جاور» التي أنجزها رومني في 1777، من أشهر لوحاته، وهي موجودة اليوم في متحف أبوت هول للفنون، كيندال إنجلترا، واللوحة تصوّر الأطفال الخمسة الأصغر لجرانفيل ليفيسون جاور، الملقب ب إيرل جاور الثاني، وقد رسم رومني اللوحة بتكليف من جاور وزوجته الليدي سوزانا، في عام 1776. بدأ رومني العمل على اللوحة بعد عودته من رحلة طويلة إلى إيطاليا؛ حيث تأثر بشدة بالنحت الكلاسيكي واللوحات التي رآها في روما وعدة مدن إيطالية، تأثر في هذه اللوحة بواحدة من اللوحات التي شاهدها في إيطاليا وتصور منظراً لفتيات يرقصن في نيس الفرنسية خلال احتفالات عيد العمال، والتي يتذكرها دائما ب: (برقصة الفتيات متشابكات الأيدي ويتحركن بانسجام تام بأكبر قدر من الحيوية والروح والسحر».
كل هذه العناصر والمؤثرات المختلفة والمتنوعة كانت في أعلى سلم اهتمامات رومني عندما بدأ العمل على لوحة «أطفال ليفيسون جاور»، وبهذه التركيبة الديناميكية والمبتكرة، أبدع وابتكر واحدة من أكثر اللوحات أصالةً وطموحاً في حياته المهنية.
تم شراء اللوحة في عام 1973 بمساعدة صندوق منحة شراء متحف فيكتوريا وألبرت، وصندوق الفنون، وحكومة صاحبة الجلالة، ومجلس مقاطعة ويستمورلاند، وأصدقاء أبوت هول، وغيرها من التبرعات الخاصة.
تفاصيل
تظهر اللوحة أطفال ليفيسون: آن (1761–1832)، هي أكبر الأطفال الخمسة في اللوحة، والأصغر بين أبناء جاور من زوجته الثانية الليدي لويزا إجيرتون، الثانية هي جورجينا، وعرفت لاحقاً ب الليدي جورجينا (1769-1806) كونتيسة سانت جيرمان بعد زواجها من هون وليام إليوت والثالثة شارلوت أو «ليدي شارلوت صوفيا (1771-1854) وعرفت لاحقاً ب دوقة بوفورت، و(الليدي سوزانا) (1772-1838) وعرفت لاحقاً باسم كونتيسة هاروبي، أما الخامس فهو الطفل الذكر جرانفيل (1773-1846) وكان يبلغ من العمر 4 سنوات فقط وقت اكتمال اللوحة ولم يكن قد «ارتدى ملابس رجالية» بعد. أصبح فيما بعد يدعى باسم فيسكونت جرانفيل وإيرل جرانفيل الأول.
الحركة
فكرة الحلقة أو الدوران في اللوحة تشكل عنصراً مهماً في تكوينها، استلهمها الفنان من مصادر عدة، أولها مشهد (الفتيات الراقصات حول عمود في نيس)، وهي ذات أثر كلاسيكي ساحر، وهناك تأثيرات مستمدة من لوحة «أورورا» ل«جويدو ريني»؛ حيث الحركة الراقصة التي تصاحب شخصية أبولو بينما يتم سحبه في عربة، كما تأثر بالفرنسي الكلاسيكي نيكولا بوسين، وغيرها من اللوحات التي تركز على الشكل الدائري في حركة الرقص.
بعد رسمه ل«أطفال ليفيسون جاور» أصبح أسلوب رومني أكثر مرونة وعفوية، مقارنة بصوره المبكرة. تنقل ضربات فرشاته الواثقة أقصى قدر من التفاصيل مع توفير الوسائل الحديثة جداً في التكوين الفني، وفي هذه التفاصيل، يبدع رومني في انتقاله الرشيق من الطلاء الشاحب أو السميك إلى رشاقة الطبقات الرقيقة التي تبرز الملامح الظاهرة على الشخصيات.