تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » «الأمير فردريك».. لوحة تلخص حياة الأمراء الإنجليز

«الأمير فردريك».. لوحة تلخص حياة الأمراء الإنجليز

فيليب ميرسييه (1689 – 1760) فنان يعود أصله لجماعة دينية تنتسب إلى كنيسة فرنسا الإصلاحية البروتستانتية خلال القرن السادس عشر والسابع عشر، ولد في برلين، نشط في إنجلترا طوال معظم حياته العملية، ويعد واحداً من أوائل ممارسي أسلوب «الروكوكو»، وينسب إليه فضل التأثير في جيل جديد من الفنانين الإنجليز في القرن الثامن عشر. هو ابن عامل نسيج، درس الرسم في أكاديمية برلين، وبعد ذلك تعلم على يدي الرسام أنطوان بيسن، وفي وقت لاحق، سافر إلى إيطاليا وفرنسا قبل وصوله إلى لندن، وهناك، تزوج عام 1719، وعاش في ليستر فيلدز.
إعلان

عمل ميرسييه أمين مكتبة ورساماً رئيسياً في المؤسسة المستقلة للأمير فردريك (أمير ويلز وزوجته) في ليستر فيلدز من عام 1728 حتى 1738، وكان محبوباً في البلاط الملكي، حيث أسندت إليه مهمات كثيرة لرسم الملوك وأولادهم ولعدد كثير من النبلاء أيضاً، ومن بين تلك الصور الملكية، تلك الخاصة بأمير ويلز وشقيقاته الثلاث والمعنونة ب«الأمير فردريك وشقيقاته»، وتصورهم يعزفون الموسيقى، بدأ رسمها في عام 1728، وأنهى ثلاث نسخ من هذه اللوحة الشهيرة في 1730، بعض التقارير تشير إلى أن هذه اللوحة قد رسمت تقريباً عام 1733، وهذه الرسومات تم الاعتناء بها وزخرفتها من قبل جون سايمون، وهي محفوظة اليوم في متحف الصور الوطني بلندن.


في هذه اللوحة، يظهر فردريك أمير ويلز، وهو يعزف على آلة التشيلو برفقة أخته الأميرة آن (1709-1759) التي تعزف على آلة القيثارة، فيما تعزف الأميرة كارولين (1713-1757) على المندورا (آلة وترية تشبه العود)، أما أميليا (1711-1786) فتتصفح أبياتاً شعرية من قصائد ميلتون.

«الأمير فردريك».. لوحة تلخص حياة الأمراء الإنجليز

لا يشي المكان الذي تجري فيه عملية العزف بأي انطباع على كونه قصراً مثالياً، والجزء الخلفي من هذا المكان مطلي بالطوب الأحمر، وفي الرسم يظهر الشمعدان على يمين اللوحة (وهذا الشمعدان جزء من مجموعة قدمها بنيامين جوديسون (1700 – 1767)، الذي كان شهيراً بتزويد القصور المكلية بالأثاث حتى عام 1727، في عهد جورج الثاني ملك بريطانيا العظمى.

ترتدي الأميرات ملابس موشاة بتصاميم تبرز الرصانة البرجوازية مع عباءات تغلق على الصدرية مغطاة بوشاح من الكتان الأبيض حول الرقبة، كما يرتدين قبعات عادية ذات أغطية رأس، اثنتان من الأميرات ترتديان قبعتين متدليتين إلى الأسفل، واحدة منهما تتدلى قبعتها تحت الذقن، في حين تظهر الأميرة الثالثة بقبعة مثبتة للأعلى. من جهة أخرى، أظهر الرسام ميرسييه عناية خاصة بملابس الأمير فردريك الذي يظهر وهو يرتدي ملابس رسمية إلى حد ما، كما يتوسط صدارة المشهد، ومع ذلك يبدو جلياً أن اللوحة لا تشير إلى وضع رسمي، بل هي أقرب إلى لوحة جماعية تشي بانسجام الأشقاء في لوحة خارجة عن مألوف البروتوكول الملكي في ذلك الوقت.

أراد فيليب ميرسييه، من خلال هذه اللوحة، أن يكرّم الثقافة الإنجليزية النموذجية التي كان الأمير فردريك يشجعها بشدة على خلاف ما كان متبعاً من قِبل كثير من الأمراء الإنجليز في حينه، أما تصويره لأميليا وهي تقرأ من قصائد ميلتون وهي تستند إلى الحائط، ففيه الكثير من التجسيد لمتعة المشهد، خاصة وأنه أظهرها وهي تبتسم بلطف وهي توجّه نظرها إلى المشاهد، ومن المؤكد أنه أظهرها شخصية ملهمة تثري المشهد بكثير من المرح والجمال، كما هو حال قصائد جون ميلتون صاحب «الفردوس المفقود» بالنسبة إلى كثير من جمهور المثقفين الإنجليز.

تفصيل

لم يكن من المعتاد أن يُرسَم النبلاء الإنجليز وهم يمارسون نشاطاً عادياً وحماسياً، كما يظهر مع الأمير فردريك على وجه الخصوص، وهو يعزف على التشيلو، ومن الواضح أن ذلك قد أثار حفيظة اللورد هيرفي (1696 – 1743)، الذي كان مستشاراً وكاتباً سياسياً إنجليزياً، ارتبط في البداية بعلاقة ودية للغاية مع فردريك أمير ويلز، لكنهما تشاجرا عام 1732 بسبب تنافسهما للحصول على ود الكونتيسة آن، وقد رأى هيرفي في هذا الوضع الذي يصوّر فردريك وهو يعزف على التشيلو سلوكاً غير لائق، وشبهه بعروض نيرون الذي تقول الأسطورة إنه كان يعزف على القيثارة، فيما يقوم بحرق روما.

ولقد سجّلت الوثائق الرسمية أن فردريك كان معتاداً على العزف، حيث كان يقضي نحو ساعتين في كنسينغتون، وهو جالس بالقرب من نافذة مفتوحة، بينما كان جمهوره يتكون من جميع الخدم التابعين للقصر، أما الأميرة آن فتعلمت العزف على يدي هاندل، وكان عزفها يستحق الإشادة، ولم يكن أحد حينذاك يظن أن العزف أو الغناء يحط من لقب الأميرة الملكية.

بورتريهات

رسم ميرسييه العديد من اللوحات خارج إطار العائلة الملكية، ومن ذلك ست لوحات من «الحياة الريفية»، كما رسم لوحات لموضوعات كثيرة لم ينجُ منها الكثير، وقد تورط في فضيحة من نوع ما وفقد شعبيته. غادر لندن تقريباً عام 1740 واستقر في يورك، حيث مارس رسم البورتريه لأكثر من عشر سنوات، قبل أن يعود إلى لندن عام 1751. وفي عام 1752، ذهب إلى البرتغال بناء على طلب العديد من التجار، ومع ذلك، لم يبق هناك لفترة طويلة، وعاد للندن، حيث توفي عام 1760.