أحيت “الأوركسترا الحضرمية” اليمنية، حفلتين بمركز جابر الأحمد الثقافي، وسط حضور جماهيري “كامل العدد”، حيث روت ظمأ الجمهور من الفن الحضرمي والتراث الموسيقي اليمني، والذي يمتد تاريخه الى ما قبل الميلاد في تنوع فريد مزج بين العديد من الحضارات وعكس في مضمونه عبقا جميلا، وأكد ان الأمل يبقى والحلم ممكن لإبراز هذه الفنون لكي يستمع إليها العالم كله، رغم الظروف التي تعيشها اليمن.
على خشبة المسرح كان هناك تنوعا في الآلات الموسيقية والعازفين ليعكس فكر القائمين على هذا المشروع الحضاري، حيث شاهدنا عازفين من جنسيات متعددة عدا الإيقاعات وآلات الموسيقى التراثية اليمنية، التي كلها من اليمن، ما يعني ان هناك تمازج في الثقافات الموسيقية، بالإضافة الى التنوع بين الغناء والرقصات الشعبية اليمنية التي كثيرا ما نشاهدها في الجلسات الغنائية.
الجميل في الحفل ان مجموعة المعزوفات، التي قدمتها الأوركسترا عكست في نغماتها عمق التراث والبيئة اليمنية، وخصوصا منطقة حضرموت والتي تُعد صانعة الإبداع ومهد الفنون، حيث قدمت للساحة الموسيقية اليمنية عباقرة الشعر والغناء والموسيقى، فضلا عن تميزها في الإيقاعات والألوان الموسيقية التي مازالت تحتفظ بأصالتها وتميزها في منطقة الجزيرة العربية، ومازال العديد من الموسيقيين والمطربين ينهلون من هذا الإرث الفني الأصيل.
الأوركسترا الحضرمية، التي أحيت حفلتين في الكويت، أوجدت حالة جديدة في مفهوم نشر الإرث الموسيقي، زينه صوت الفنان الكبير عبود خواجة، الذي رافقها وقدم مجموعة من الأغنيات لتكون الليلة مكتملة بكل تفاصيلها في ظل الغناء والرقصات والإيقاعات والموسيقى، والتي جعلت الشغف يخيم على جمهور مركز الشيخ جابر الأحمد، فالجميع يرغب في الاستمتاع ومشاهدة شيء جديد لم يحدث من قبل في الموسيقى اليمنية.
استهلت الأوركسترا الحضرمية فقراتها من خلال مقطوعة “يا حيا الله”، أظهرت من خلالها تفاصيل البيئة الحضرمية وتراثها الحضاري وماضيها العريق في جماليات الإيقاعات والآلات الموسيقية اليمنية، التي عزف عليها مجموعة من العازفين تميزوا بملابسهم اليمنية المعروفة، وجاءت المعزوفة الثانية بعزف منفرد على آلة العود رسم لوحات من النغم ووصف تفاصيل كثيرة، وتفاعل الجمهور مع أغنية “على مسيري” بشكل مدهش بعدما أظهرت الأوركسترا روعة العزف المنفرد على الآلات الشرقية، ثم اعتلى الفنان عبود خواجة، المسرح ليعبر بصوته عن عراقة الفن الحضرمي وأصالة الأغنية اليمنية وعمقها الخليجي والعربي من خلال أغنية “طال السمر”، لينتقل الى رائعة الشاعر والملحن اليمني الشهير حسين أبو بكر المحضار، من خلال أغنية “سقى الهاشمي”، والتي حرك من خلالها جنبات المسرح وأظهر قدراته الصوتية وموهبته الغنائية بشكل احترافي، وكانت مفاجأة الحفل تقديم معزوفة أغنية “ما علينا” من خلال الكورال وهي للفنان الراحل أبوبكر سالم، وتفاعل معها الجمهور بشكل كبير، وبعدها أغنية “ألا يا طير”.
في الوصلة الثانية، قدمت الأوركسترا مجموعة من الأعمال من بينها “بحر الغريب، إن يحرمونا، ليلة، متيم بالهوا”، ثم عاد الى المسرح ثانية الفنان عبود خواجة، وقدم “شارقة ما تغيب” ثم “مزمار الهبيش” ليكون الختام مع أغنية “صبوحة”.
وفي كواليس الحفل، التقى المنتج سعود الرندي والمايسترو محمد القحوم والفنان عبود خواجة، مع الإعلاميين، حيث أكد الرندي، ان انتاج هذا النوع من الحفلات فيه الكثير من الخوف، لكن أثبتت هذه التجربة ان الجمهور الكويتي واع، في حين أكد الفنان عبود خواجة، ان الجمهور هو من يحيي الفنان، وحضور الجمهور في الكويت بهذه الكثافة أمر جيد.
وقال قائد الأوكسترا الحضرمية المايسترو محمد القحوم، ان هذا المشروع بدأ من العام 2019 بحفل في ماليزيا ثم باريس والقاهرة، مشيرا الى ان الكويت هي أول دولة خليجية تستقبل الأوركسترا الحضرمية.