تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » بعيدًا عن “الموسمية” و”الهشاشة”.. كيف يمكن تطوير الدراما اليمنية ؟

بعيدًا عن “الموسمية” و”الهشاشة”.. كيف يمكن تطوير الدراما اليمنية ؟

الدراما اليمنية: عن غياب صناعة الجمال

 

عبده حسين

تتمنّى الممثلة اليمنية، بهية محمد، ألّا يقتصر الإنتاج الدرامي على العمل الموسمي، بل أن يستمر طوال العام، لكون الفن رسالة توعوية هادفة، تفيد الآخرين؛ حسب ما ذكرته لـ”خيوط”، إذ قامت بهية للعام الثاني على التوالي بدور الضحية في برنامج “هجمة مرتدة”، الذي بثته قناة “السعيدة”.

بهية واحدة من بين عشرات الممثلين اليمنيين الذين يدخلون حالة استنفار خلال ثلاثة أشهر في السنة، استعدادًا لإنتاج مسلسلات درامية تلفزيونية يتم بثّها على شاشات القنوات الفضائية اليمنية خلال شهر رمضان فقط، فيما بقية العام يظلون عاطلين عن العمل.

المتتبع لوضع الدراما اليمنية التلفزيونية خلال الأربعة أو الخمسة العقود الماضية، يلاحظ أنّ هناك تطورًا في جوانب النص والمعالجات الفنية والإخراجية، وهذا طبيعي لو تم مقارنته بما كان يتم إنتاجه سابقًا.

لكن بحسب أستاذة الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام، بجامعة صنعاء، الدكتورة نوال الحزورة، في حديثها لـ”خيوط”، فإن المقارنة قد تكون مجحفة لو تمت بمستوى الإنتاج الدرامي العربي، إذ إنّ الدراما اليمنية، تعاني من إشكالية النص، إلّا أنّها تزخر بالمواهب الشابة التي بدأت تدخل مجال السيناريو، وتطرح قضايا جديدة وبأساليب إبداعية، غير أنّ معظم السيناريوهات تعد في وقت قصير يسبق موسم الإنتاج الرمضاني، وهذا ما يتسبب بكثير من الهشاشة والسطحية في المعالجات الدرامية.

كما تشير إلى أنّ “إشكالية الممثل لدينا هي الأبرز، فنحن لا نمتلك معهدًا أو أكاديمية لتأهيل الممثلين، وكله يأتي باجتهاد شخصي من الممثل ذاته أو فريق الإنتاج، إضافة إلى الإنتاج الموسمي المستعجل الذي يظهر أداء كثير من ممثلي الدراما اليمنيين دون المستوى، وعدم الانتظام والاستمرارية وطابع الإنتاج الموسمي الرمضاني”، إضافة إلى أن “الدراما اليمنية سلعة غير إيرادية، لكن ليس هناك بُعد تسويقيّ للأعمال الدرامية على المستوى الخارجي ولا حتى الداخلي، فالعمل الدرامي يعرض في القناة المنتجة فقط، والأفضل حظًّا يعرض في محطة يمنية أخرى”.

حصر المفهوم وإغفال الفن

بالرغم من أنّ النص في الدراما اليمنية استطاع أن يعالج كثيرًا من القضايا الاجتماعية، فإنّ كثيرًا منها معالجات سطحية، وما زالت هناك قضايا وموضوعات ذات أولوية لم تُطرح، ربما لحساسيتها الأمنية أو الاجتماعية، وربما عدم اهتمام القائمين على الإنتاج الدرامي بطرحها، ويجب وضع قائمة للقضايا المجتمعية والإنسانية التي يجب أن يتم التركيز عليها.

وأكّدت الحزورة أنّ “الإشكالية الأهم هو عدم اهتمام القائمين في المؤسسات الحكومية بأهمية الفن الدرامي في التنمية الوطنية، وأهميتها في إحداث تغيير اجتماعي، وهذا ما انعكس على إهمال هذا الفنّ، سواء في أكاديميات التأهيل والتدريب أو في المؤسسات الرسمية المسؤولة عن تنمية وتطوير هذا الفن، وسواء في وزارة الإعلام أو وزارة الثقافة، وحتى اليوم لا يوجد لدينا مدن إنتاج إعلامي أو درامي تتبع الدولة، ويكون لها إنتاجٌ منتظم ومستمرّ”.

ولفتت إلى أنّ حصر مفهوم الدراما في الدراما التلفزيونية، وإغفال الفنّ الدرامي في بقية الوسائل، يُعدّ أولى جوانب القصور.

ونوّهت بأنّ “تجاوز هذه الجوانب وطرح معالجات عملية للنهوض بالفن الدرامي، خاصة إذا تكاتفت جهود الدولة مع القطاع الخاص الذي لا بُدّ أن يُمنح تسهيلات لتشجيعه على إنتاج أعمال درامية مستمرة ومنتظمة، وعمل مهرجانات تقوم بها الدولة لتجويد الإنتاج الدرامي المحلي، بالإضافة إلى وضع خطط لكيفية تسويق الدراما المحلية خارجيًّا، وتشجيع الإنتاج الدرامي المشترك مع الدول العربية وغير العربية بما يؤدّي إلى إيجاد دراما يمنية حقيقية”.

تشجيع الكتّاب المبدعين

يجب تطوير الدراما اليمنية من خلال “تشجيع الموهوبين والمبدعين من كتّاب الدراما من خلال إنشاء جائزة الدولة للدراما، وإعادة المسرح المدرسي والجامعي، والاهتمام به وتنشيطه كونه ركيزة أساسية لتطوير الدراما في اليمن”؛ حسب تأكيد الأكاديمي اليمني الدكتور عبدالكريم الوصابي، في حديثه لـ”خيوط”.

ودعا الوصابي إلى “إنشاء أكاديميات فنون ومعاهد فنية متخصصة بفنون الإنتاج السينمائي والتلفزيوني (سيناريو، إخراج، تصوير وإضاءة، ديكور، تمثيل، مكياج، جرافيكس ومؤثرات بصرية)، واستقدام خبراء وفنّيين متخصصين من الخارج في المجالات المذكورة أعلاه، لتدريب الكوادر اليمنية وتنمية مهارات الموهوبين”.

وحثّ على “تشكيل لجان متخصصة في القنوات وشركات الإنتاج لدراسة النصوص الدرامية قبل إنتاجها، وإقامة دورات وورش عمل تدريبية بصورة مستمرة في مجالَي كتابة السيناريو، والتمثيل، وأخذ نصوص من الموروث الأدبي اليمني، فهناك روايات كثيرة تزخر بها المكتبة اليمنية يمكن تحويلها إلى أعمال درامية كبيرة، والاستفادة من الروائيين وكتّاب القصة اليمنيّين وخبرتهم في الكتابة”.

مضيفًا أنّ الضرورة تقتضي إقامة شراكات بين القطاعين، الحكومي والخاص، في الإنتاج الدراميّ، من أجل رفع ميزانيات الأعمال الدرامية، بما يُسهم في إنتاج أعمال متميزة، وتقديم تسهيلات وإعفاءات من الجانب الحكومي، وإتاحة الأجواء والفرص، وإعطاء الحرية للمنتجين في التنقل، ورفع كافة القيود والعراقيل التي تعيق إنتاج الأعمال الدرامية.

فضلًا عن رفع أجور طاقم العمل الإنتاجي، وخصوصًا الممثلين، الذين تعتبر أجورهم متدنية للغاية؛ ما يدفعهم إلى البحث عن أعمال أخرى تعينهم على كسب لقمة العيش، وهذا يعيق تفرغهم للاحتراف في مجال التمثيل وتطوير قدراتهم ومهاراتهم.

مساحة معقولة

في السياق، يؤكّد الأكاديمي والناقد الدكتور قائد غيلان، في حديثه لـ”خيوط”، أهميةَ أن تفكّر الدراما اليمنية جيّدًا وتعيد النظر في مسألة الثلاثين حلقة، فـ”هذه هي أساس المشاكل، وأساس العيوب، من هنا يبدأ التمطيط والحشو والتلاعب بوقت المشاهد والضحك عليه، بلقطات ومشاهد وحوارات فائضة عن قصة المسلسل”.

وتمنّى غيلان أن “تتخلى المسلسلات مستقبلًا عن هذا الرقم، وتنتج أعمالًا تقدّم القصة في المساحة الزمنية المعقولة والمقبولة بما يُرضي المُشاهِد، وتحتفظ في المقابل باحترام الجمهور لها، فقد رأينا هذا العام مسلسلات محترمة ومتعوب عليها، تعرّضت للنقد الجارح والقاسي من الجمهور؛ بسبب استهتارها بعقلية المُشاهِد، الذي أصبح لديه وعيٌ كافٍ بما يُقدَّم له، وبات يميز ما هو أصيل في القصة، وما هو حشو ومغالطات تعبث بوقته من أجل تمديد الحلقات”.

نقلاً عن منصة “خيوط”