المتاحف الفنية هي من الركائز الأساسية في المشهد الثقافي والفني في مصر. تزخر مصر بالعديد من المتاحف الفنية التي تضم مئات الأعمال لفنانين مصريين وغير مصريين، وهي كنوز لا تقدر بثمن. على رأس هذه المتاحف يأتي متحف الفن المصري الحديث الذي يضم أعمالاً لفنانين مصريين يعود الكثير منها إلى بدايات القرن الماضي. بين المتاحف المهمة أيضاً يأتي متحف محمد محمود خليل وحرمه والمُخصص لمقتنيات الثري المصري محمد محمود خليل وزوجته إيميلين هيكتور ويضم أعمالاً مهمة لفنانين عالميين مثل رينوار وسيزان ومونيه وديلاكروا وغيرهم . من داخل هذا المتحف اختفت لوحة زهرة الخشخاش لفان غوخ قبل عقد تقريباً، ولم تظهر حتى اليوم، وكان اختفاؤها سبباً فى توقف نشاط العديد من المتاحف فى مصر لبضعة شهور، بعد إنفضاح هشاشة المنظومة التأمينية لها. وهناك أيضاً متحف الجزيرة الذي يضم مجموعة المقتنيات التي تمت مصادرتها من قصور أسرة محمد علي بعد ثورة يوليو 1952 . يضم المتحف الأخير أيضاً العشرات من القطع الفنية النادرة لرموز الفن الحديث في أوروبا. إلى جانب هذه المتاحف هناك العديد من المتاحف الأخرى المتخصصة لفنانين بعينهم، كمتحف إنجي أفلاطون ومتحف محمود سعيد ومتحف محمد ناجي ومتحف محمود مختار وغيرهم.
هي متاحف مُهمة بالطبع وضرورية، ولكن على الرغم من هذه الأهمية التي تتمتع بها هذه المتاحف، إلا أنها تعاني من ندرة الإقبال عليها بل والجهل بها أحياناً. الأسباب قد تكون كثيرة ومتشعبة، إلا أن أبرزها يكمن حتماً فى منظومة التعليم، التى لا تترك مجالاً للطالب للاكتشاف والبحث. لا نستطيع هنا أيضاً إعفاء هذه المتاحف نفسها من دور فى نفور المواطنين من زيارتها، فأغلبها يفتقد إلى منظومة الدعاية والترويج، إلى جانب ضعف الخدمات المتحفية الموجهة إلى المواطنين والأكاديميين، وهى كلها من بديهيات الخدمة المتحفية.
من أجل التعريف بهذه المتاحف أطلقت مجموعة من طلبة كلية الإعلام في جامعة القاهرة منصة “ميوز” (MUSE) كمشروع لتخرجهم الجامعي. مشروع “ميوز” عبارة عن مبادرة تثقيفية تضم عدداً من المنصات الألكترونية بهدف التعريف بالمتاحف الفنية وتجاوز القطيعة معها، خاصة بين طلبة المدارس والجامعات المصرية. يقدم أصحاب المبادرة على منصاتهم الألكترونية تلك، محتوى ثرياً ومهماً من الفيديوات والصور واللقاءات والزيارات الميدانية والشرح المكثف، لحث متابعيهم على زيارة هذه المتاحف والتعريف بها.
وفي سبيل التهيئة للمحتوى الذي تضمه هذه المنصات طرحت المُبادرة عدداً من الأسئلة على مجموعة من الطلاب في الجامعة حول فكرتهم عن المتاحف، وإذا ما كانوا يعرفون أن هناك متاحف فنية في مصر أم لا؟ . قد يبدو طرح مثل هذه الأسئلة أمراً ساذجاً في نظر البعض، ولكن على الرغم من بساطتها وبداهة الإجوبة المتوقعة عليها، إلا أن الردود كانت صادمة. لقد عبر معظم المشاركين في هذا الاستطلاع المصور عن دهشتهم حين علموا بوجود متاحف فنية في مصر، فلطالما ظنوا، كما يقول أحدهم، أن المتاحف في مصر مُخصصة للآثار فقط. قد لا نستطيع بناء أحكام على الآراء الواردة في هذا الاستطلاع السريع، فهو لا يمثل استطلاعاً بالمعنى الدقيق للكلمة. غير أن هذه الردود تلامس بلا شك واقعاً مؤسفاً، إذ لا يتعلق الأمر هنا بإحجام طلبة الجامعة عن زيارة المتاحف فقط، بل والجهل بهذه المؤسسات الثقافية المهمة أيضاً. تتخذ المبادرة مسارات مختلفة للوصول إلى الهدف المرجو منها، بعقد لقاءات مع عدد من الشخصيات التي لها علاقة بالمتاحف، ومن بينهم مديرة متحف الفن المصري الحديث الفنانة إيمان نبيل.
غير أن المسار الرئيس الذي تعتمد عليه المبادرة يهتم بتقديم تعريف وشرح موجز وواضح لكل متحف من هذه المتاحف الفنية في مصر على حدة وكيفية الوصول إليها.
يضم المشروع 21 طالباً وطالبة، وتُشرف عليه الدكتورة ثريا أحمد البدوي عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، بالإضافة إلى دكتور أحمد خطاب، رئيس قسم العلاقات العامة والإعلان، والدكتورة أسماء عز الدين، والدكتورة آية بدوي. وقد حازت المُبادرة على دعم من قطاع الفنون التشكيلية ونقابة الفنون التشكيلية ووزارتي الشباب والرياضة والثقافة.