تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » لا تسمع الموسيقى الحزينة!

لا تسمع الموسيقى الحزينة!

لا تسمع الموسيقى الحزينة!

 

أحمد السلامي
تأمل جيدًا وسترى أن لون الموسيقى الحزينة التي تشترك في تلقيها قوميات العرب والأكراد والفرس والأتراك والهنود مضرة بالصحة النفسية، وتدمر الوجدان، ولا تبني في روح الإنسان السوي إلا الهشاشة والضمور والانسحاق العاطفي.

في المجمل، ما يبدو لنا وللآخرين أنه يميز الشرق الغارق في بحور الشجن، يتحول مع الوقت إلى مزاج غير صحي وغير متوازن في استهلاك الموسيقى، ويجعل من الفن مع مرور الوقت بالنسبة إلى المستمع أداة للتعذيب وإشباع حالة من المازوخية المتوارثة في طبقات وعي الإنسان الشرقي الذي لم يكف عن البكاء على أطلال الحب المستحيل، بل يتلذذ بكون ذلك الحب يبقى مستحيلًا، ولا يود أن يفعل شيئًا لجعله ممكنًا وقابلًا للتحقق.

حتى أولئك الذين لم يعرفوا الحب يومًا، ولم يجربوا العشق والهيام، تجدهم يحلقون مع أغاني جلد الذات والشكوى من الهجران وانتظار الحبيب الذي لا يأتي.
قد يكون في البحث عن الآثار والنتائج السلبية لإدمان العقل الشرقي للعاطفة على هذا النحو غير الصحي فائدة للمهتمين بإعادة هندسة الوعي واستشراف ممكنات النهوض.
لا بد من الاعتراف أن الاستماع المفرط لهذا النوع من الموسيقى يغذي مشاعر الحزن والاكتئاب، ويضعف القدرة على التمتع بالحياة.

ثم إنَّ التركيز المفرط على استحلاب الشعور بالشجن والحزن من الموسيقى الشرقية يظل يعكس ثقافة مجتمعية مكبلة بتركيز اهتمامها على الماضي والألم بدلاً من التطلع إلى المستقبل والتفاؤل. هذا الإدمان يمكن أن يؤدي إلى الركود والتراجع الفردي والجماعي والبقاء في حالة من التوهان.

ولا يعني ذلك أن الأغاني كلها مضرة بالصحة النفسية وجالبة للسلبية والهموم، ولنا في التراث اليمني والمصري والشامي والمغربي جواهر من الألحان والأغاني التي تبعث الأمل في الروح، وتحث العقل على التفكير، وتنظر إلى الحب بوصفه حياة وتجارب ممكنة وقابلة لأن تعاش لا أن تظل في خانة الحلم المسموم والمسلح بسيوف العذال ووعود الهجران.
إن كسر هذه الدائرة الغنائية المحبطة يتطلب جهدًا واعيًا لتغيير نمط الاستهلاك الموسيقي وتنويع الذائقة الفنية، والبداية تتطلب استنهاض الحس النقدي والسعي إلى اكتشاف أنواع موسيقية أخرى تعزز الأحاسيس الإيجابية، وتلهم الناس بكل ما يجعلهم مساهمين في إسعاد أنفسهم وتنمية مجتمعاتهم، لأن البكائيات لا تصنع إنسانًا نافعًا لنفسه ولغيره.