محمد غبسي
شعوبٌ لا تملك أكثر من قولها : نعم
ولا تعرف من الحقيقة سوى الألم
دوماً.. تسير بها السياسة إلى العدم !
في الغرب ينشغل المصورون بملاحقة الفنانين من نجوم غناء وتمثيل في المدارس والشوارع والمطاعم والمقاهي والكنائس ومواقع التمثيل وأماكن الإجازة و على سلالم الطائرات وقاعات المحاكم و لا يمكن للفنان أن يجد مكانا يخفيه عن عدسات كاميراتهم التي تبحث في منافسة كبيرة عن صور تحتل بها أغلفة المجلات وتسيطر على الصفحات الأولى في الصحف وكذا الفضائيات والمواقع الإلكترونية.
وكذلك يهتم الصحفيون بنفس النجوم ويلهثون بعدهم ويقتفون آثارهم في كل مكان تلبية لرغبة الصحف والمجلات والفضائيات الغربية في ترفيه المجتمع و شغل الرأي العام بالفن ونجومه في الرقص و الغناء والمسرح والأفلام والمسلسلات في مهمة انسانية سامية لتثقيف الناس والنأي بهم وبأطفالهم بعيداً عن السياسة التي تدمر كل ما وجدت في طريقها من أحلام وعقول وطاقات.
والعكس تماماً يحدث في الدول العربية حيث يكرس الإعلام ومؤسساته لمتابعة أخبار السياسية و أساطيتها، هنا وجدت الشعوب نفسها متورطة بالسياسة ومنشغلة بأخبار الساسة وتدور حياتهم حول نشرة أخبار سياسية من الألف إلى الياء، كل شرائح المجتمع تتعاطى وتتفاعل مع هذه الثقافة التي تقوم على ربع قدم هي السياسة ، ثقافة لا ندري كيف وقعنا في شباكها ولا نعرف من ألقاها في واقعنا ؟
فها هي أسماء كثيرة تشغل الرأي العام في مجتمعنا اليمني.. منها الجديد والمبتدئ ومنها ما هو في منتصف طريقه ومنها من أفل نجمه، لكنها تظل أسماء سياسية جديدها و قديمها.
لا شك بأن البيئة الثقافية الدينية تلعب دوراً رئيسياً في حصر النشاط الحياتي عموماً في الجانب السياسي فقط كما تلعب العادات والتقاليد الاجتماعية القبلية دوراً مهماً في إغلاق المجالات الثقافية الأخرى كالعلم والفن والرياضة والصناعة وغيرها من دروب الحياة ومعانيها.
أصبحنا وأصبحت مجتمعاتنا العربية في علبة سياسية محكمة الإغلاق ندور حول أنفسنا في طريق يعود بنا إلى الوراء كلما تقدمنا بالسن، نعيش بطريقة سلبية لا سبيل فيها للنجاح إلا في السياسة ولا يمكن الإبداع فيها إلا سياسياً ولا يجوز الغناء فيها والهتاف إلا للساسة!
بيئة لا تشير بوصلتها إلى المستقبل ولا تخطر في بالها الأسئلة الوجودية ولا تحاول حتى الخروج من علبة الجهل والتخلف ولا تفهم معنى اللحاق بالعصر ولا تؤمن بأن المريخ أصبح قريباً جداً للمواطن الغربي الذي يعتزم العيش فيه من الآن وصاعداً!