فرناندو أمورسولو فنان فلبيني عرف بتصويره الحيوي للمناظر الطبيعية والحياة الريفية والصور الشخصية. ولد في 30 مايو 1892 في مانيلا، وتوفي في 24 إبريل 1972، هو الابن الأكبر بين خمسة أطفال. كان والداه، بيدرو أمورسولو وبونيفاسيا كويتو، موسيقيين موهوبين شجعا المواهب الفنية لابنهما منذ سن مبكرة.
كان أول نجاح لفرناندو كرسام شاب في عام 1908، عندما حصلت لوحته «تصفح الجريدة» على المركز الثاني في بازار إسكولتا، وهي مسابقة نظمتها الجمعية الدولية للفنانين، بدأ فرناندو تعليمه الفني الرسمي في «ليسيو دي مانيلا» بين (1909 و 1914) حيث درس على يد الفنان فابيان دي لا روزا، وكان من أبرز أعماله عندما كان طالبا في ليسيو لوحته التي تصور شاباً وشابة في حديقة، والتي فازت بالجائزة الأولى في معرض مدرسة الفنون خلال سنة تخرجه. ذهب بعد ذلك إلى كلية الفنون الجميلة بجامعة الفلبين، حيث صقل مهاراته في الرسم والفنون الجميلة.
طوال حياته المهنية، اشتهر باستخدامه للألوان الزاهية، وخاصة تلك الأشكال النابضة بالحياة لشمس الفلبين، وتصويره الرومانسي للحياة والثقافة المحلية.
لقب فرناندو ب «الرجل القدير في الفن الفلبيني»، وكان أول من تم الاعتراف به كفنان وطني للفلبين على الإطلاق، وذلك بسبب استخدامه الرائد للتقنية الانطباعية، بالإضافة إلى مهارته في استخدام الإضاءة الخلفية في لوحاته، وهي مهمة ليس فقط في تطوير الفن الفلبيني، ولكن أيضاً في تشكيل المفاهيم الفلبينية عن الذات والهوية.
*لوحة
من اللوحات الشهيرة لفرناندو واحدة بعنوان «تحت شجرة المانجو».. التي تصور مشهداً حميمياً في الحقل. فخلال فترة راحة قصيرة من حرارة النهار ونشاطه، يلتقط أمورسولو مشهداً دافئاً يسلط الضوء على العلاقة بين الأسرة والعمل والمجتمع، حيث يبدأ موسم حصاد محصول المانجو في الفلبين مع ظهور ما يطلق عليه النقطة أي تساقط بعض الفاكهة على الأرض، كما يظهر في الصورة، وهو مؤشر على نضج المحصول، وهذا يكون مع نهاية شهر يونيو من كل عام، بعدها يبدأ موسم الحصاد.
حرص فرناندو على التقاط شجرة المانجو في أعماله بسبب كونها من الثمار الشهيرة ذات الفاكهة الحلوة التي تغمر مساحات شاسعة من الريف الفلبيني، غير أن ما هو مهم بالنسبة لهذه اللوحة، هو تمثيلها خير تمثيل لتقنية فرناندو في الرسم، وهي التقنية الخاصة باستخدامه لعنصر الإضاءة، تلك التي تظهر على وجوه الصبايا في الحقل، كما تظهر بألوان مشرقة على ما يرتدينه من ملابس.
*تفاصيل
من يدقق في اللوحة، فثمة ثلاث فتيات في عمر الورود في مقدمة اللوحة من جهة اليمين، كما يظهر في مقدمة اللوحة شاب يرتدي قبعة حصاد مستديرة بلون ذهبي، ويبدو أنه يستمع أو يشارك الفتيات الثلاث حديثاً جانبياً في لحظة مدهشة وغامرة بالألوان والسعادة التي تبدو في حركات ووجوه شخصيات العمل، وهذا العمل يجسد بالنسبة لفرناندو حيوية المنظر الطبيعي المضيء، حيث حرص الفنان على تصوير العادات والثقافة والمهرجانات والمهن الفلبينية التقليدية.
و«تحت أشجار المانجو» تقدم إحساساً متخيلاً عند فرناندو بالأمة الفلبينية وهي مهمة في تجسيد ما يراه هوية وطنية خالصة من خلال ما يظهره من صورة الأسرة والمرأة على وجه الخصوص، فهو فنان كان يرفض المثل الغربية الاستعمارية في تصويرها للجمال الأنثوي، وكان مولعاً برسم وجوه شخصياته على نحو فني تقليدي.
المرأة أو الأنثى في هذه اللوحة، ذات وجه مستدير، وليس بيضاوياً كما يتم تقديمه في الصحف والرسوم التوضيحية للمجلات، كما أن عيون الصبايا مفعمة بالحيوية بشكل استثنائي، والجمال الفلبيني هنا، كما يراه فرناندو هو «مثالي» و«مميز» وذو بشرة صافية، أو نوع ملون جديد، نشهده غالباً عندما نلتقي بفتاة خجلة.
الضوء في هذه اللوحة، يبدو طبيعياً أيضاً، كما هو في انعكاسات أشعة الشمس على أوراق شجرة المانجو، حيث طور فرناندو في لوحاته تقنية الإضاءة الخلفية، التي أصبحت علامته الفنية وأعظم مساهماته في الرسم الفلبيني، حيث كان يسلط ضوءاً مكثفاً على جزء واحد من تفاصيل اللوحة مع درجات أقل في أجزاء اللوحة الأخرى، وكانت الشمس أو «ضوء الشمس» سمة ثابتة لعمل فرناندو أمورسولو.
*ابتكار
ابتكر الفنان فرناندو أمورسولو هذا العمل الفني لإظهار القيمة الحقيقية للفلبينيين، لكي يقول: «إنهم يعملون بجد ولكنهم سعداء بما يفعلونه» وكان هدفه أيضاً هو توعية العالم بالجمال الفلبيني الحقيقي، كما أن القبعة التي يرتديها الشاب وكذلك الرجل خلف اللوحة من جهة اليسار لها مدلول خاص في الرسم، ناهيك عن لون المانجو الأصفر أو الأخضر الأرجواني عندما تكون الثمرة صغيرة، و «المانجو» هنا، ترمز للحياة والنمو والتجديد في الثقافة الشعبية الفلبينية، وهي شجرة قادرة على إنتاج الأزهار وتنمو فوق عناقيد سيقانها ذات لون أحمر.