يحتفي مركز بومبيدو الثقافي في باريس بالذكرى المئوية لولادة حركة السريالية الفنية، بتنظيم معرض ضخم تحت عنوان “السريالية” يضم أكثر من 500 عمل فني بين لوحات ومنحوتات ونصوص ووثائق نادرة وأفلام.
وعلى هامش المعرض، أوضح خبراء في الفن في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية قنا أنه يحكي قصة مائة عام من إبداع رموز هذه الحركة، ويعكس أثر الشعر والأدب والرسم والتصوير الفوتوغرافي وجميع التخصصات والفنون البصرية والأعمال الإبداعية الرمزية التي تؤرخ لحركة السريالية وتطورها، لتبرز التأثير الكبير الذي تركته هذه الحركة في المجتمعات العصرية على جغرافيا واسعة تمتد على القارات السبع.
ويقام المعرض الذي يستمر حتى 13 يناير 2025، على مساحة 2200 متر مربع، ويضم أعمالا لكبار رواد مدرسة السريالية التي نشأت في منتصف القرن العشرين (1924-1969)،وهم: سلفادور دالي ورينيه ماغريت وجورجيو دي كيريكو وماكس إرنست ودورا مار وليونورا كارينغتون ودوروثيا تانينغ وتاتسو إيكيدا وماكس إرنست وهيلين لوندبيرغ وخوان ميرو.
و ينطلق الزائر من خلال تصميم يشبه المتاهة، في قلب هذه الرحلة الفنية العجيبة، انطلاقا من البيان والنص الأصلي التأسيسي للحركة السريالية الذي كتبه الشاعر الفرنسي أندريه بريتون عام 1924، ثم تتابع الأعمال الفنية في 13 فصلا تتراوح بين اللوحات الفريدة والصور الفوتوعرافية وبين الموضوعات والأشياء التي استهوت الفنانين السرياليين وأثرت في أعمالهم وشكلت مصدر إلهامهم، مثل الأحلام واللاوعي والمخلوقات الهجينة أو الأسطورية، وبين الوثائق النادرة والثماتيل والأفلام التسجيلية التي تعرض على الشاشات الحائطية.
وفي هذا الصدد، قالت ماري ساريه المشرفة على المعرض في تصريح لـ قنا: إنه يهدف إلى تقديم صورة واضحة عن الأبحاث التي أجريت في السنوات الأخيرة في الجامعات والمتاحف حول السريالية، كما يتناول الفن السريالي الذي يعود تاريخ بعض أعماله إلى تسعينيات القرن الماضي.
وأشارت إلى أن الدراسات التي أجراها الأكاديمي الفرنسي أوليفييه بينوت لاكاساني- من بين آخرين- كشفت عن الحيوية والجاذبية غير العادية للسريالية بعد الحرب العالمية الثانية للعديد من الفنانين من جميع مناحي الحياة.
ولفتت إلى أن السريالية كانت لفترة طويلة تعتبر حركة أوروبية في الأساس، ولدت في باريس، باعتبار أن أغلب فنانيها وروادها، جاؤوا من إسبانيا وإنجلترا وبلجيكا وألمانيا واستقروا في مدينة الأنوار.
وأوضحت أن مارسيل دوشامب، مصمم المعارض السريالية العالمية في عامي 1938 و1947، اختار لها شكل المتاهة، مستذكرا ذوق السرياليين وتعرجات حياتهم، مشيرة إلى أن مركز بومبيدو الثقافي تبنى نفس الشكل.
بدوره، قال ديدييه أوتينجيه نائب مدير المتحف الوطني للفن الحديث بمركز بومبيدو الثقافي، والمشرف المشارك على المعرض في تصريح مماثل لـ قنا: نسعى جاهدين لتحديد المبادئ الشعرية التي ألهمت الفنانين والكتاب والشعراء وفناني الحركة السريالية على غرار الغابة والليل والشخصيات الأدبية مثل لوتريامون أو لويس كارول، وذلك لإثبات أن هذه المواضيع المتعلقة بأثر السريالية، لا ترتبط بأي حال من الأحوال بلحظة تاريخية معينة، ولكن من المرجح أن يكون لها صدى مع أسئلة عصرنا. مضيفا: وفي نفس السياق يقدم “السريالية”، التي انتشرت في جميع أنحاء العالم، من آسيا إلى أمريكا اللاتينية عبر المغرب العربي وشمال أوروبا.
وأكد أن المعرض يمنح مكانا بارزا لهؤلاء الفنانين العالميين من أمثال هيكتور هيبوليت، وتاتسو إيكيدا، وشوزو تاكيجوتشي، وجويس منصور، والذين أسهموا أيضا في إثراء الحركة مثل ليونورا كارينجتون، ودوروتيا تانينج، وإيلين أجار، وريميديوس فارو، وإيثيل كولكوهون.
يشار إلى أن معرض “السريالية” الذي يتواصل في مركز بومبيدو الثقافي في باريس حتى 13 يناير 2025، سينتقل ضمن جولة عالمية إلى مدريد بإسبانيا وهامبورغ في ألمانيا ثم فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية.