تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » «خط الوسام».. الحرف يحاور مدارس الفن العالمية

«خط الوسام».. الحرف يحاور مدارس الفن العالمية

«خط الوسام».. الحرف يحاور مدارس الفن العالمية

 

في كل موسم أو مهرجان له علاقة بفن الخط العربي يتعرّف الجمهور المتابع إلى أسماء لها تجربتها الخاصة في ابتكار وتجديد فنون الخط ، غير أن هناك تجارب أخرى كالتي ابتدعها الفنان العراقي وسام شوكت الذي سبق أن شارك في معرض دبي الدولي للخط العربي بلوحة خطية استخدم فيها الآية القرآنية (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي)، واستخدم فيها خطاً من ابتكاره واسمه (خط الوسام).

هذا الخط كما نشاهد في (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي)، هو خط جديد يستحق قراءته والتوقف عنده في ضوء ما تنتجه فنون الخط العربي من حرفية على صعيد الشكل والمضمون.
وهو خط مبتكر يجمع بين الأصالة والحداثة، وهو بحسب نقاد الخط: «يعتمد في تصميم حروفه على تركيب مشتق من الخط السنبلي والديواني والكوفي مع إضافة لمسات رائعة للفنان أدت إلى إخراج تحفة فنية».
صنف خط الوسام من قبل النقاد، بكون حروفه جاءت في تصميم يجمع بين الأصالة والحداثة، وهو تصميم غريب، نوعاً ما، فمعظم حروف الآية منفذة بانحناءات وزوايا واضحة، تنطوي على صعوبة ما لجهة حرفية إتقان هذه الحروف، حيث يعمد وسام شوكت إلى تغيير زاوية القلم أثناء الكتابة، وتغيير اتجاه الحرف تبعاً للتصميم الذي يتصوره، وهذا الخط يختلف في موازينه عن قواعد وضوابط خطّي الرقعة والديواني اللذين يعتمدان في كتابتهما على نظام السطر، بل هو أقرب إلى نظام السطر في خطي الثلث والنسخ.

تجريد
تبدو اللوحة مصممة بأسلوب تجريدي، وتجريد الحرف هنا، يعكس مكانة وجدارة فن الخط العربي في العصر الحديث، فالأشكال التي تظهر فيها حروف هذه الآية الكريمة، قريبة من الشكل الهندسي، حيث يمنح شوكت الحرف حرية أكثر في الشكل النهائي للحرف، بما فيه من زوايا وانحناءات غير معهودة، وهو أسلوب وصف بأنه متأثر بأسلوب أبي الكولاج المفاهيمي، الفنان سيسيل توشون، ومن جهة وسام شوكت، فهو يطوع الحرف ليتخذ شكلاً جديداً متجرداً من شكله التقليدي المباشر، لجهة إبراز جماليته البصرية البحتة، وسام شوكت وبعد سنوات من اختبار هذه التجربة الجديدة أعاد تعريف نفسه من خطاط إلى «فنان مفاهيمي»، بعد أن كان في السابق (ما قبل خط الوسام) قد أنجز العديد من اللوحات في خطي الثلث والديواني.

تقنية
اهتم وسام شوكت في اللوحة الخطية التي أمامنا بجمالية تنفيذ الحرف بعيداً عن مضمون النص، ومن يدقق في اللوحة يلمس جمال هذه التجربة في كل حرف في الآية الكريمة، لنتأمل مثلاً شكل حرف الضاد في كلمة (فضل) التي تتوسط اللوحة، الضاد هنا، مصممة بشكل غريب، وظهرت منحنية في منتصفها، وكذلك هو شكل الهاء والذال في كلمة (هذا) التي تبدأ بها الآية القرآنية، حيث نلحظ مستوى جديداً بل غريباً في تصميم الهاء التي جاءت على شكل زهرة، أما الذال فظهرت ممتدة في تصميم أقرب إلى الزاي أو الراء المعروف عن جمهور الخطاطين، كذلك الأمر في تصميم حرف الميم في كلمة (من) هذا التصميم الغريب الذي جاء على شكل تويج الزهرة.
أما كلمة (ربي) في الآية الكريمة، فقد جاءت أيضاً بتصميم هندسي أطلق العنان لحروفها الثلاثة (الراء) و(الباء) و(الياء) للتشكل في انحناءات واستطالات وزوايا جديدة كذلك.
يصوغ وسام شوكت في أسلوبه وسيلة تمنح المشاهد فرصة إجراء حوار بصري مع كل لوحة ينجزها، حوار يجعل المشاهد غير العربي قادراً على التفاعل مع الخط؛ انطلاقاً من حرية الحرف وجمال الشكل الهندسي الذي يمنح الحرف تجريداً يضيف إلى جماليات الخط العربي، ومن خلال منظور فني منفتح على كافة مدارس الفن العالمية.

إضاءة
وسام شوكت هو فنان عراقي ولد سنة 1974، كانت بداياته مع فن الخط العربي عندما كان في العاشرة من عمره، على يد أستاذه في المرحلة الابتدائية محمد رضا سهيل.
تعلم الخط العربي من تلقاء نفسه، وأتقنه من خلال المطالعة، وزيارة مختلف الأساتذة والمتاحف والمكتبات في بلده.
حاز شوكت العديد من الجوائز عن أعماله بالخط العربي، كما شارك كفنان وعضو لجان التحضير والتحكيم في دورات مختلفة من بينالي الشارقة لفن الخط العربي ومعرض دبي الدولي للخط العربي.
أقام وسام شوكت العديد من المعارض، منها معرضه الفردي «رسائل الحب» في عام 2011 في غاليري «ريد سبيس» للفنون في مدينة نيويورك الأمريكية، الذي عرف الجمهور العالمي إلى سلسلة من التركيبات المعاصرة في الخط العربي.