تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » ضرار الخامري.. صوت الوطن والمجتمع في عالم الفن والموسيقى

ضرار الخامري.. صوت الوطن والمجتمع في عالم الفن والموسيقى

ضرار الخامري.. صوت الوطن والمجتمع في عالم الفن والموسيقى

 

منذ لحظة انجذابه الأولى نحو عالم الفن، استخدم ضرار مهيوب الخامري، موهبته وأعماله بصورة مبتكرة لخدمة الوطن والمواطن وقضايا المجتمع. بذل جهودًا جبارة لمواكبة العصر ونقل رسائله النبيلة عبر تقنيات فنية متواضعة.

يتحدى ضرار، الملحن وعازف العود، نفسه ليجسد مفهوم المسؤولية بأكملها، مؤكدًا أنه سيؤديها على أكمل وجه إلى أن تفنى حياته لخدمة اليمن، وخاصة مدينته “تعز”. يعبّر عزفه عن روح التفاني والتضحية من أجل تعزيز قيم الوطنية والانتماء.

عاش الخامري، البالغ من العمر 29 عامًا مرحلة طفولته ومراهقته في مديرية “جبل حبشي” غرب مدينة تعز. كما هو الحال مع العديد من الفنانين الذين يعملون في بلدنا، واجه الخامري صعوبة في إيجاد بيئة حاضنة لموهبته. بالإضافة إلى ذلك، كانت الموارد غير متاحة وما زالت إلى الآن، تعاني البلاد من نقص في الأوتار والتقنيات والموارد التعليمية المبسطة، علاوة على افتقارنا إلى معاهد أو مدارس فنية يستقي منها الموهوبون.

من أبرز أعماله الفنية التي أظهرته كفنان على الصعيد المحلي أغنية “وضعنا النقاط برسم الحروف”، وأغنية “قف شامخًا أنت الثبوتُ”، “يا مسند الأجداد”، “قف شامخًا” و”هذه اليمن لأقيالها”.

تحديد الهواية

“كاسيت، ومشغل، وجهاز راديو وصورة فنان على كاسيت، ورسمة لآلة العود في صحيفة ورقية، وجلسة غنائية لأحد عمالقة الطرب اليمني الأصيل على تلفزيون قناة اليمن بالأبيض والأسود، من خلال هذه الأدوات تشكلت في ذهني دائرة فنية مكتملة الأركان، تمثلت في تحديد هوايتي وتوجيه ميولي الفني”.. يشرح ضرار لوكالة “2 ديسمبر” قصته الملهمة.

قبل دخوله إلى المدرسة الابتدائية، اكتشف ضرار استعدادًا فائقًا في نفسه لآلة العود، كان صوت هذه الآلة يثير اهتمامه بشكل خاص ويفوق أي أصوات موسيقية أخرى تنبعث من أشرطة الكاسيت التي كان والده يمتلكها.

في حديثه، يشير ضرار إلى أنه في تلك اللحظة، يعني اللحظة الأولى التي سمع بها صوت “العود”، استمر الصوت في العبور عبر أذنيه، ما أثار رغبته في معرفة المزيد عنه والاستماع إليه بشكل أكبر، وبدأ يستمع إلى صوته إما عبر الإذاعة أو من خلال شرائط الكاسيت.

ويضيف: “كنتُ أنتظر أمام المذياع إلى أن يبدأ العود يتحرك بأنغامه فأعرف ما هي الأغنية ومن فنانها وملحنها وكاتب الكلمات قبل أن تبدأ كلماتها بالصدوح”.

العزف على “التنك”

لعدم قدرة الخامري على شراء آلة العود، قرر أن يبدع بنفسه ويصنع آلة يدوية بديلة، ابتكر آلة مصنوعة من تنك معدني، وثبت في داخلها لوحًا وأوتارًا ومسامير قوية، وبدأ في تعلم العزف على هذه الآلة البديلة من أحد أبناء قريته، حتى تمكن أخيرًا من عزف أول أغنية “رشوا عطور الكاذية”.

وفقًا لضرار: “استمريتُ بالتعلم الذاتي والبحث عن مصادر فنية للتعلم من اليوتيوب والكتب، إلى أن تم إهدائي عودًا حقيقيًا من أحد المغتربين في المملكة السعودية”، ومن ثم بدأ مشواره بإحياء حفلات الزفاف والمناسبات الوطنية.

قرر ضرار الانتقال إلى مدينة عدن للانضمام إلى معهد فنون، ولكن الظروف الصعبة أجبرته على العودة إلى قريته. للأسف، تعقيدات الحياة أدت إلى عدم قدرته على متابعة تعليمه الفني بسبب وفاة والده.

مع ذلك، لم يستسلم ضرار وحاول الانضمام إلى جامعة تعز لاستكمال دراسته في مجال الفنون. ولكنه واجه صعوبة إضافية؛ تمثلت في انتهاء صلاحية شهادته الثانوية بعد مرور حوالي 10 سنوات على تخرجه.

رسالة سامية

يؤمن الخامري بضرورة أن يكون للفن رسالة، وإلا فلا يُعتبر فنًا بغض النظر عن التقنيات المستخدمة في نقل الرسالة، وقد حاول الخامري من خلال أغانيه أن يجعل كل أغنية تحمل رسالة محددة؛ فإما أن تكون الرسالة وطنية، تعبّر عن الواقع الذي يعيشه الوطن وتسعى لتحقيق تغيير إيجابي، وإما أن تكون اجتماعية، تعكس الواقع الاجتماعي وتسعى للتأثير فيه بشكل أفضل.

يعتقد ضرار بقوة أن الفن يلعب دورًا مهمًا في نقل الوعي والتعبير عن القضايا المحيطة بنا، وأنه يجب أن يُعامل على قدم المساواة مع وسائل الإعلام والأبحاث والدراسات.

“بواسطة الفن، يمكننا تسليط الضوء على المشكلات التي تواجهنا والمساهمة في إيجاد حلول مستجيبة ومبتكرة؛ فالفن يتيح للناس التعبير عن آرائهم ومشاعرهم بطرق فريدة وملهمة، ما يساعد في تشكيل وجهات نظر جديدة وتوليد تفاعلات إيجابية في المجتمع”.. وفقًا للخامري.

ويسترسل: “الشعور بالمظلومية وبمعاناة الناس جعلني أسخّر فني لخدمة كل قضايا المجتمع كوني أعيش فيه وأتقاسم مع كل من هم حولي المعاناة ذاتها. لذا؛ أرى من واجبي كفنان أن أتجه صوب مصالحهم”.

ملحن استثنائي

يرى الخامري أن بإمكانه تقديم الكثير للفن اليمني من أعمال لحنية وعزف بالعود بطرق جديدة وبأنغام فريدة، إن توفرت له الإمكانيات والفرصة، فكل ما قدمه إلى الآن يراه قطرة من بحر، وما زال في جعبته الكثير من الطاقة الإبداعية.

يوضح للوكالة: “يمكنني أن أعطي الكثير للفن التراثي الأصيل في بلادي، كإحياء وإعادة بعض الألوان الغنائية للواجهة الفنية، والعمل على نشر الألوان الغنائية اليمنية على نطاق أوسع، خلق طريق تعليمية جديدة تساهم في مساعدة وتنمية مواهب موسيقية كثيرة، العمل على توثيق اختلاف الألوان الغنائية اليمنية وتمييزها”.

الصحافي اليمني آدم الحريبي يرى أن ضرارًا “يجسد رمزية الفنان والمثقف اليمني معًا، ملمًا بالشأن العام بقدر إلمامه بالموسيقى، ومرتبطًا بقضايا البلاد تمامًا كارتباطه بالتراث الغنائي اليمني، حاضر في المناسبة الوطنية بكل محطاتها، وفي الحراك الشعبي بكل مطالبه، ويقاسم المجتمع اليمني كل مشاكله وتطلعاته”.

يضيف الحريبي، وهو مدير المحتوى لمؤسسة “ميون” الفنية، أن الخامري صاحب رؤية فنية موسيقية متقدمة، تنطلق من التراث الغنائي الزاخر، ويبتكر دائمًا أساليب يجسد من خلالها ذلك التراث بشكل حديث.

يعتبر الحريبي ضرارًا الإنسان القادم من أقاصي الريف، ومعجونًا بقيم النبل والعصامية، وبأنه فنان ألهمته المهاجل وموال الملالاة التعزية أبجديات الفن والموسيقى.

مستقبل فناني اليمن

يتمنى ضرار مستقبلًا حاضنًا لمهارته الفنية، قائلًا: “أرغب في تطوير مهاراتي الموسيقية والتلحين، وأبحث عن فرص تعليمية وتدريبية، أتمنى وجود أكاديمية موسيقية أو دورات تعليمية موسمية تعاونية مع مدربين متخصصين؛ لتوفير فرص العمل وتدريب الشباب في هذا المجال”.

يعبّر الخامري عن تصميمه على مواجهة الصعوبات والاستمرار في العمل بجد لتحقيق أهدافه في مجال الفن: “سأستمر في البحث عن الفرص والمصادر التعليمية المتاحة، وسأستغلها بأكملها لتعزيز مهاراتي الفنية وتحقيق نجاحي المستقبلي”.

هكذا اعتمد ضرار الخامري على التعلم الذاتي والمجهود الشخصي، ليمنح نفسه مكانًا بين فناني اليمن، بفنه الذي يجسد معنى الوطنية ويساهم بشكل فعال في خدمة المجتمع.

شارك في عدة أمسيات عيدية وفنية، وعمل مع بعض الفنانين المشهورين مثل عمار العزكي، وحصل على شهادات عِدة من مكتب الثقافة في مدينة تعز، وظهر في عدة قنوات فضائية منها قناة “المهرية” وقناة “يمن شباب”.

“صوت الحرب لا ينتهي إلا بوجود صوت موحد يشارك فيه الجميع، حيث يتلاقى صوت البنادق مع صوت الناي، وصوت الدبابات والمدافع مع صوت البوق والسيكسفون، وصوت الرشاش مع صوت الرش على أوتار القانون، بألوان ريشة الرسام، سنمحي هذا الوهم الذي يستخدمه العدو، وبحبر القلم سنكتب التاريخ. يجب أن ترتفع هذه الأصوات معًا لنمنع عودة أصوات الحرب وتحقيق السلام”.