جوزيف هايمور (13 يونيو 1692 – 3 مارس 1780) فنان إنجليزي اختص برسم الصور الشخصية، وموضوعات التاريخ، بعد تقاعده من حياته المهنية كرسام في سن السبعين، نشر مقالات تاريخية ونقدية عن الفن، ولد في لندن، وهو الابن الثالث لإدوارد هايمور، تاجر الفحم، وابن شقيق الرسام توماس هايمور، رسام ويليام الثالث. أظهر في وقت مبكر من حياته موهبة عالية في الرسم، ولكنه أحبط من قبل العائلة لرغبته في احتراف الفن، بدأ تدريباً في علم القانون. وعند انتهاء تدريبه في سن 17 عاماً، واصل تنفيذ رغبته في الرسم بحضور دروس أكاديمية بإشراف الرسام جودفري كنيلر.
تلقى جوزيف محاضرات في علم تشريح الصور على يد الرسام ويليام تشيسلدن، وتخلى عن مهنة المحاماة وبدأ العمل كرسام بورتريه في لندن. في عام 1720، التحق بأكاديمية سانت مارتن لين، حيث تعرف إلى الفن الفرنسي المعاصر.
في عام 1725، وعند إحياء مراسيم (أوردر أوف ذي باث) وهو تقليد ملكي إنجليزي لتكريم الأعمال الجليلة لكبار المسؤولين العسكريين وموظفي الخدمة المدنية، بمنحهم أوسمة الفرسان، تم اختيار جوزيف لرسم الفرسان بالزي الكامل. في عام 1732 زار البلدان المنخفضة لدراسة أعمال الرسامين الفلمنكيين روبنز وفان دايك. وبعد ذلك بعامين زار باريس حيث درس المقتنيات العامة والخاصة في المتاحف الفرنسية. في السنوات القليلة التالية، حصل على رعاية من العائلة المالكة، في عام 1762، باع هايمور محتويات الاستوديو الخاص به وتقاعد في كانتربري، وهي مدينة تقع في جنوب إنجلترا حيث عاش مع ابنته روزانا وصهره.
*لوحة
رسم هايمور لوحة لابنته سوزانا، في عام 1740، وتعتبر واحدة من أكثر اللوحات الجذابة في مجموعة متحف فيكتوريا بسبب نظرة الفتاة الواثقة تجاه المشاهد، وأيضاً ثراء التفاصيل البصرية التي تأتي من المنظور الفريد للأب المحب. من الناحية الفنية، تعتبر اللوحة من الصور النموذجية جداً في زمنها، فهي مرسومة على قماش من الكتان وتتميز بمجموعة من الأصباغ التي كانت شائعة الاستخدام خلال القرن الثامن عشر. كشف الفحص الأخير والتصوير الشعاعي عن ميزة أو اثنتين في هذه اللوحة مما يمنحنا فكرة عن كيفية تطور الصورة. هناك تغييرات طفيفة وكثيرة واضحة. من بينها أحد التعديلات الصغيرة التي لها صلة بالقصاصات الموجودة على الطاولة الجانبية. يبدو أنها كانت تحتوي في الأصل على ورقة أخرى في الأعلى، أو ربما تصميم مختلف لملابس الفتاة.
ومع ذلك، فإن أهم التغييرات التي أجراها الفنان موجودة في الخلفية. فمن خلال تمعن الصورة في المنطقة الواقعة على يسار ويمين وجه سوزانا، يمكن ملاحظة أشكال الظل في الصورة الشعاعية التي لا تتوافق مع خلفية الصورة النهائية. خاصة في ذلك الشكل الداكن على اليسار، الذي يشبه -إلى حد ما- جانب المبنى، مما يشير إلى أن هايمور ربما بدأ بفكرة الخلفية الخارجية.
*أصباغ تقليدية
تم اكتشاف آخر في اللوحة عند فحص سطحها تحت المجهر، واكتشف أن الستارة الحمراء المتوهجة خلف سوزانا تحتوي على طبقة أساسية من اللون الأزرق الرمادي الداكن، تتكون في الغالب من اللون الأزرق البروسي، وهو صبغة اصطناعية دخلت حيز الاستخدام على نطاق واسع في النصف الأول من القرن الثامن عشر. ويبدو أن الرسام يخطط في الأصل لأن تقف ابنته أمام ستارة زرقاء داكنة، ولسبب ما، كان غير راض عن المظهر، لذا أعاد طلاءها باللون الأحمر الفاتح باستخدام الصبغة التقليدية الزنجفرية (المادة الخام في الزئبق)، وذلك من خلال جعل ستارة الخلفية باللون الأحمر، كان الفنان يفضل دائماً العودة إلى أصول فن البورتريه في مدينة البندقية في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر، وقد تبناه الرسامون البريطانيون لاحقاً، متبعين المثال الذي وضعه كل من روبنز والرسام الفلمنكي الشهير أنطوني فان دايك (1599 – 1641).. إذا نظرنا بين اليمين واليسار في لوحة (سوزانا هايمور) ودققنا بين النسختين الزرقاء والحمراء للستارة، يمكننا أن نرى كيف يمكن أن يكون لاختيارات الألوان تأثير كبير في المزاج العام للصورة وحتى الطريقة التي نفهم من خلالها الموضوع. من الممكن أن اللون الأزرق الداكن الأصلي بدا خافتاً للغاية بالنسبة لشخصية سوزانا، أو أن الفنان أراد خلق تباين بصري أكبر، أو أنه ببساطة أراد خلق المزيد من الانسجام اللوني مع المقاطع الأخرى ذات اللون الأحمر في اللوحة. ومهما كانت أسبابه، فإنه بالتأكيد يمثل تغييراً نهائياً جريئاً نجح في جذب انتباه المشاهد.
*متحف فيكتوريا
لوحة «سوزانا هايمور» واحدة من اللوحات البارزة في متحف معرض فيكتوريا الوطني في ملبورن بأستراليا التي تعود إلى القرن الثامن عشر. كما أن جودة واتساع نطاق وعمق هذه اللوحة دفعت أحد كبار الخبراء في الفن البريطاني إلى إعجابه باللوحة والادعاء بأنه يمكن تدريس قصة الرسم البريطاني في تلك الفترة، من خلال توجيه الطلاب عبر العشرات من الأعمال المهمة المعلقة على جدران المعرض. ومع اثنين من كبار الفنانين -على وجه الخصوص- جوزيف رايت من ديربي وجوزيف هايمور، يمتلك معرض فيكتوريا الوطني صوراً ذاتية رائعة لكل فنان، إلى جانب صور غير رسمية لأطفالهما، وكان من حسن حظ معرض متحف فيكتوريا أن أحفاد الرسامين هاجروا لاحقاً إلى أستراليا مع صورهم العائلية، واستقروا في ملبورن، وفي أحيان كثيرة تبرعوا بسخاء بمجموعاتهم إلى معرض فيكتوريا الوطني.