يعتبر الفنان الإسباني (فرانشيسـكو دي غــويا 1746م – 1828م) أحد كبار روّاد الفن الحديث خلال القرن التاسع عشر، تميّز إنتاجه الفني الذي امتدّ أكثر من ستين عاماً بالتنوّع والغزارة، جرّب الأساليب الكلاسيكية في بدايات احترافه للرّسم، لكنه تحوّل إلى الرومانسية التي طبعت جزءاً مهمّا من أعماله، تمتّع بشعبية كبيرة عند العامة، لكن الكثير من لوحاته لم ترَ النور إلا بعد وفاته، عرف عنه ميله إلى ملاحظة السلوك الإنساني وتمثيل الطبيعة البشرية في لوحاته بأسلوب لا يخلو من السخرية والرؤى الفنتازية، وفي عام 1799م رسم غويا مجموعة من 48 لوحة أسماها الـنـزوات (Los Caprichos)، وعندما عرضها للبيع سرعان ما تمّ سحبها بأمر من محاكم التفتيش الإسبانية، إذ كانت إحدى اللوحات تصوّر مشهداً لإحدى ضحايا تلك المحاكم، الأمر الذي كان يشي بتعاطف الفنان مع الضحايا ومعارضته للفظائع التي كانت ُترتكب في ذلك الوقت.
ومن بين لوحات تلك المجموعة حظيت لوحة “نـوم العقـل يوقـظ الوحــوش” بشهرة واسعة، وفيها يظهر رجل نائم وقد أسند رأسه ويديه إلى طاولة بينما نحّى قلمه جانباً، وخلف الرجل تظهر مجموعة من البوم والخفافيش الضخمة تصفق بأجنحتها وتصيح، كما يظهر في اللوحة وحشان أحدهما رابض على الأرض، وقد صوّب نظراته الشرّيرة إلى الرجل بينما قفز الآخر على ظهره وعيناه تلمعان في الظلمة، وعلى مقدّمة الطاولة التي ينام عليها الرجل كتبت عبارة: إذا نام العقل استيقظت الوحوش، هذه اللوحة اعتبرت ترجمة بسيطة ومباشرة لأفكار (غويا) الذي كان يحترم العقل ويؤمن بحرية الفكر.
تم إنجاز هذه اللوحة ” نوم العقل يوقظ الوحوش ” في سنة 1799