تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الرؤية البصرية والجمالية للفنانة سلوى حجر

الرؤية البصرية والجمالية للفنانة سلوى حجر

للكاتب أحمد هادي
احمد هادي
 

    المقدمة

    تعتبر الفنون بكافة اجناسها ومنها فن التشكيل ممارسات إبداعية منذو ظهور الإنسانية على هذا الكوكب، فقد عبر الفنان عن كل مظاهر الحياة والمجتمع.
    حيث أتخذ الفنانيين أساليب وطرق مختلفة للرقي بالاحساس الى مستوى يجعل منه قادراً على إعادة صياغة الواقع بما يتلاءم مع ذاتيته ومشاعره.

    فالمشاعر هي الهدف الاول لكل الفنون وهي المنبع الذي لا ينضب والشعلة التي لا تنطفي جذوتها في الروح. وهذا ما يبدو ماثلاً في أعمال الفنانة سلوى حجر التي تسكب روحها ووجدانها داخل العمل الفني وتعطيه بعداً جمالياً يتفق مع رؤيتها الفنية فتجربة بحجم تجربة الفنان سلوى تستحق الوقوف عندها, ودراستها فهي صاحبة تجربة فنية, استطاعت أن تفرض نفسها وتضع بصمتها واسلوبها وهويتها بجدرة ولهذا أعمالها الفنية لها حضورها على المستوى العربي والدولي وهذا الحضور الإبداعي البارز الذي يعتبر إنجاز في مسيرة الإبداع للمرأة العربية على وجه العموم والسعودية على وجه الخصوص. فيها إضافة مهمة في مسيرة الحركة التشكيلية السعودية المعاصرة

    فالفنانة سلوى حجر ومن مثلها من رائدات الإبداع في مختلف المجالات نموذج مشرف وملهم للأجيال الصاعدة من الفتيات فالفنانة سلوى حجر حاصلة على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة عام ١٩٩٤م وهي نائب رئيس منارة العرب للثقافة والفنون للشئوون البصرية مقرها الرئيسي في الاردن . وقد أختيرت من بين ٥٠ شخصية من الشخصيات المهمة البارزة (مجلة اتيكيت بريس) السعودية وحصلت على لقب أفضل شخصيات على مستوى العالم 2020 ( جولدن بريس السعودية ).

    الفن مفتاح للمعرفة والعلم والثقافة والعلوم والتطور والتنمية المستدامة

    أن القيم الجمالية في الطبيعة لدى الفنانة سلوى حجر أداة اتصال بينها وبين المتلقى فهي ملاذها الآمن للهروب من ضجيج الحياة وضوضائها حيث تجد فيها المكان الهادى والعذب والمريح للاعصاب بعد أن تتعبها قسوة الحياة ومشاغلها فتلوذ إلى الطبيعة من أجل الاستمتاع بزقزة عصافيرها وحفيف اشجارها فجمال الطبيعة ورونقها يحرك الأحاسيس والمشاعر لدى الفنانة فيتاعنق جمال الروح مع جمال الطبيعة ويمتزجان في قالب جمالي مدهش فنانة تنظر إلى مكامن الجمال في مواطن قد لا نتصور وجودها أو قد لا يراها الآخرون لأن نظرتها مفعمة بالحياة والشعور المرهف بالحب والتفائل.


    ان إتخاذ الفنان هذا النمط من الفن ليس من أجل نقل الواقع كما هو من دون تغيير ولا إضافة بل هو إعادة تشكيلة وفق رؤيته الشخصية وتفعاله الوجداني معه واعتباره بعد جمالي واقعي فهو تواصل وتعايش بينه وبين الفنان وبينه وبين الإنسان وعليه فقد تبنى تيار ما بعد الحداثة هذا الاتجاه من الواقعية المتفوقة واعتبروا أن الفنون سلسلة من الحركات المتعاقبة بوتيرة سريعة والتي تواجه في بنيتها المفاهيمة الواقع بعقلية الفنان المدرك لكل الجزئيات والتفاصيل معبرة عن التوتر عن الناتج عن الاختيار الواعي للمظاهر الواقعية وهذه ماتفعله الفنانة سلوى حجر إضافة إلى تميزها في إنشاء علاقة تكاملية وموضوعية بين مفردات اللوحة الجمالية شكلاً ولوناُ وحجماً ومساحة وملمساً وفق نسق منتظم في منظومة لونية متعددة.

    امتزج فيها الجمال الفني مع جمال الطبيعة

    أن اختيار الفنانة لمواضيع الطبيعة هو عشقها لجمال الطبيعة التي تعد مصدر ومنبع لمختلف العناصر الخطية واللونية والشكلية. البنى اللونية قد تفاوتت بين الألوان الحارة والباردة إضافة إلى توزيعها المدرس للضوء والظلال من أجل وصف الأجزاء المعقدة مثل الأماكن العميقة الأماكن الغامقة والفاتحة والسطوح والملامس كما أن الوحدة الونية في العمل تتم من خلال التكرار اللوني والاستمرارية اللونية أي تتابع الذاتي ذلك التدرج اللوني الذي يحقق انتقالات بصرية بشكل متسلسل ومتتابع ينتج منه أثرا مسافيا من الغامق الى الفاتح او العكس … والتدرج بكل حالاته يرتبط بالتكرار الذي يحقق الإيقاع على اعتبار ان الايقاع احد العلاقات الناشئة في العمل الفني.

    أن ما يميز هذه الواقعية المتفوقة انها تتلافى ما تهمله عدسة العين البشرية من قصور في إدراك سطوح الأشياء المتغيرة في الزمان والمكان وما ينتج من تغييرات فيزيائية في الضوء والظلال الناتج عن الإضاءة حيث تقوم باقنتاص اللحظة وفق رؤيتها البصرية والجمالية بادراك منظم يتوفق مع رؤيتها العقلية واشتغال النسق الفكري كبعـد جمـالي معرفـي على اعتبار أن الواقـع يحمل معاني ودلالات لا نهائية.

    مع إدراك لكــل الجزئيات والتفاصيل المعبرة عن التواتر الناتج عن الاختيار الواعي للمظاهر الواقعية في الطريقة والأسلوب وتحقيق مافيهم مستحدثة للواقعية المتطورة التي تميزت ببنيتها الجمالية المختلفــة والمعاصرة ولهذا نشاهد في أعمالها عبقرية وذكاء في إنشاء علاقة تكاملية وموضوعية بين مفردات اللوحة الجمالية شكلاً ولوناُ وحجماً ومساحة وملمساً فكل وحدة لونية في العمل تتم من خلال التكرار اللوني والاستمرارية اللونية أي تتابع الذاتي والتدرج اللوني الذي ” يحقق انتقالات بصرية بشكل متسلسل ومتتابع ينتج منه أثرا مسافيا من الغامق الى الفاتح او العكس. والتدرج بكل حالاته يرتبط بالتكرار الذي يحقق الإيقاع ” حيث يعتبر الايقاع احد العلاقات الناشئة في العمل الفني. كما في الموسيقى.. انه عبارة عن مجموعة نقرات تتخللها أزمنة محدودة المقادير على نسب وأوضاع مخصوصة . فقد ظهرت جمالية المدارس الفنية المعاصرة من خلال عنصر اللون وإيقاعه كما جاءت والتي أكدت على المعطى اللوني ومضامينه عبر السياقات البنائية والتنظيمية للرؤية التقنية إذن اللون عنصر أساس من عناصر التكوين الفني وأكثرها تعبيراً لما يحمله من معان ورموز مباشرة تثير في نفس المشاهد، بسبب الخاصية التي تؤثر في عواطفنا مباشرة اذ يمتلك المشاهد تفاعال عاطفيا مباشر مع اللون .يعد اللون انفعال يقع على العين ناتج عن تحليل الأشعة الضوئية .

    الألوان

    الألوان لدى الفنانة عنصر أساسي ومهم في بناء وإبراز العمل الفني والأكثر أهمية فهو موسيقى فنها المرئي حيث تراعي معرفة خواصه وقيمه واداركها له بعيداً عن كونه ظاهرة فيزيائية مصدرها الضوء والمرئيات في الطبيعة وان كل لون يحمل ترددا معينا يتأثر به البصر. وهذا ينسجم وفق ما أكدته خصائص وطريقة منسل إضافة إلى توزيعها البنى الشكلية للفنانة تعتمد الفنانة في بناءها الشكلي على الانفعالات في لحظة الإلهام ولتلك اللحظات النادرة التي تنظر فيها للأشياء، فهي تشعر بالشكل “استطيقيا” بحساسية وأدرك ذاتي، وما يحققه من دلالات شكلية. على اعتبار أن الفنان لا يقبض على الواقع الا عندما يرى الأشياء في انقاء حالات وجودها وان ما يكشف عنه وراء الشكل، أو يقبض عليهبقوة الخيال المحظة هو الإيقاع الذي يغمر كل الأشياء ويبث ُ فيها الحياة. وإذا كان الواقع هو هدف انفعاله فإن الطرق إلى الواقع طرق عديدة؛ فبعض الفنانيين يَبلغون الواقع من خلال مظهر الأشياء، وبعضهم يبلغونه بمجموعة من المظاهر ،وبعضهم يبلغونه بقوة التخيل المحظة .”وقد تكون الأشكال دالة وبعضها غير دالة ، فالفنان في إختيار فكرته قادر على تطويع فكرته والتعبير عنها وتحميلها مضامين وإشارات مطلقة الدقة قادرة على تحريك المشاعر والعواطف والأحاسيس وهذا ما جعل الفن التشكيلي في تغيير متواصل وتجديد مستمر وعقل الفنان هو مصدر تفوقه على ما عداه